درجت العادة في المجتمعات العربية والإسلامية خلال شهر رمضان على تناول عدد من المشروبات الشعبية، مثل التمر الهندي والعرقسوس وقمر الدين والخرنوب وغيرها التي يقبل عليها الفقير والغني بعد الإفطار أو خلاله.
حافظت المشروبات الرمضانية الشعبية هذا العام على مكانتها لدى الصائمين، فأضفت لمسة مميزة على موائد إفطار الدمشقيين طوال أيام الشهر الكريم.
ففي أحد أسواق دمشق القديمة بحي الميدان “سوق الجزماتية”، يتابع الأخوان سامر وعامر داوود مهنتهما التي ورثاها عن والدهما منذ 30 عاماً، وهي صناعة المشروبات الرمضانية والعصائر الطبيعية، والتي اشتهرا بالتفنن بها، إذ لا يضيفان أيّ صبغات أو ملونات عليها، وهو ما جعل إنتاجهما مقصداً للكثير من الصائمين الذين يأتون من مناطق مختلفة.
“العرقسوس، التمر الهندي، الجلاب، والليمون” هي أكثر المشروبات طلباً في شهر رمضان، وفق حديث عامر، حيث بيّن أن هذه المشروبات تتميز بمذاق خاص، وبعضها يميزها حلاوتها، ما يجعلها مشروبات محببة للصائمين بعد يوم طويل من الصيام، خصوصاً في الأيام ذات الحرارة المرتفعة.
ويصف عامر مشروب العرقسوس بأنه “يروي ظمأ الصائم” ويساعد على تحمل العطش خلال ساعات النهار الحارة، بالإضافة إلى فوائده المهمة لصحة الإنسان، موضحاً طريقة صنعه بالقول، “نضع العرقسوس الناشف مع إضافة القليل من الماء المضاف إليه كربونات الصودا لتجنب النفخة، ثم نحركه جيداً باليدين حتى يمتزج مع الماء بشكل جيد. بعدها تأتي عملية التخمير حيث يوضع العرقسوس في مكان مشمس لمدة تتراوح بين 20 إلى 30 دقيقة. بعد جفافه، يتم وضع المزيج في قطعة قماش شاش ويترك في البراد لعدة ساعات، ثم يوضع تحت نقاط من الماء، وأخيرًا يتم جمع نقاط العرقسوس المتساقطة.”
وأضاف عامر “يتم تحضير التمر الهندي الذي يكون على شكل قوالب من التمر المجفف من خلال نقعه في ماء دافئ حتى يتفكك القالب، ثم نضعه في مصفاة تحتها وعاء، ويسكب عليه الماء بشكل تدريجي، ويُدعك ويُعصر جيدًا، ثم تتم تصفيته للتخلص من الشوائب والبذور، ويحلّى بالسكر مع إضافة قليل من ماء الزهر.”
أما الجلاب فيتكون من دبس الزبيب والعنب الأسود منزوع البذور مع البخور والمكسرات المطحونة بشكل ناعم. يُوضع المزيج على النار ويُترك حتى يثخن قوامه، فنحصل على الجلاب المكثف. تتم إضافة الماء والسكر مع السحلب، ويتم وضع بعض المكسرات للزينة.
يتابع عامر حديثه بشرح طريقة تحضير عصير الليمون الذي يعطي شعوراً بالانتعاش، فيقول “نقطع حبات الليمون والقليل من البرتقال لإكساب العصير لوناً مميزاً، وندعكهم باليدين مع إضافة القليل من الماء والسكر حتى تتجانس المكونات، ثم يوضع في الثلاجة.”
ويقول عامر “أشعر بالسعادة عندما أقوم بإعداد المشروبات، وأنسى تعب النهار كله بمجرد سماع كلمات الرضا من الزبائن عن عصائرنا، حيث إن أسعار المشروبات الرمضانية تناسب القدرة الشرائية لدى معظم المواطنين، رغم ارتفاع الأسعار الذي تشهده الأسواق في السنوات الأخيرة.”
إلى جانب العرقسوس والتمر الهندي “التقليديين”، يحتل الخرنوب مكانه كأشهر أنواع المشروبات الرمضانية، خاصة في الساحل السوري، ويستقطب إقبالًا من الصائمين يضاهي المشروبات التقليدية في المحافظة، لما يحتويه من فيتامينات ومعادن أساسية للجسم، ناهيك عن مذاقه الطيب وهويته التراثية التي تحاكي الساحل.
وفي واحد من أقدم محال العصائر في مدينة اللاذقية، لصاحبه عبدالقادر الجود، أوضح ولده أحمد أن دراسته الجامعية في كلية الهندسة المعمارية لم تمنعه من مساعدة أبيه في المحل وتعلم كيفية صناعة هذه المشروبات للحفاظ على المهنة التي توارثتها العائلة أبا عن جد.
ويبين أحمد أن الخرنوب ينقع في الماء الساخن لفترة محددة، ثم يُصفى، ويضاف إليه السكر وماء الزهر ويُقلب جيدًا حتى يذوب السكر، ثم يُعبأ في أكياس ويصبح جاهزًا للبيع. مشيرًا إلى أن طريقة تحضير التمر الهندي مشابهة، حيث يتم جلب قوالب التمر الهندي وتقطيعها إلى قطع صغيرة، ثم نقعها في الماء، ومن ثم تتم تصفيتها وإضافة السكر إليها بمقادير معينة ويُقدم للشرب بعد تبريده.
ويشير أحمد إلى أن الخرنوب هو شراب تراثي في الساحل وطقس رمضاني بامتياز.
ويشير خبراء الصحة إلى أن شراب الخروب العرقسوس التمر الهندي فاتحة للشهية وتحتوي على العديد من العناصر المفيدة، حيث تخفض حرارة الجسم ويروي العطش، إذ من المعروف أن الجسم يفقد الكثير من الماء والأملاح خلال فترة الصيام.