يوميات

جثث وأكفان!

نور عبد الكريم البليخ

على اتساع هذه الدنيا، بما تحمله من منغّصات تثقل كاهلنا، يمتد بؤسنا ومقتنا، وابتعادنا عن أنفسنا. نغوص في هموم هذه الحياة التي لا تنتهي ولا تفارقنا، وكأننا معقودون بها كارتباط الرضيع بحلمة أمّه، يمتصّ منها الحنان والدفء، على عكس ما نمتصّ نحن من هذه الحياة، التي تضخّ في أعماقنا الأحزان والأثقال، وتلقي بها على كواهلنا دون رحمة أو اكتراث!

هل ستنفكّ لعنة الحياة عنّا يوماً، لتتركنا نسير نحو وجهاتنا، برغباتنا، وبكل تفاصيلنا وأحلامنا وما نريد؟

كلٌ منا يحمل على عاتقه ما يكفي من المواقف، تلك التي، رغم أنها حنت ظهره، إلا أنها منحته دفعة قوية، كلَجمة عنان، ليخرج من ذاته محرراً نفسه من قيود هذا الواقع وتشابكاته الملتوية.

فلترأف بنا أقدارنا ولتكتفِ بما فعلته بنا. رأفةً بما تبقى فينا من أحلام وردية، باتت بالنسبة لنا أطيافاً بعيدة المنال، لا نرى منها إلا المستحيل والعدم، ذلك العدم الذي يعذّبنا كل يوم أكثر، ويعبث بنا كما تعبث الأقدام بكرةٍ تُركل من موضع إلى آخر!

نعم، أصبحنا كرات قدم تتقاذفها الأرجل، تُلقى بنا كل لحظة في مكان مجهول، كمسافر تائه في بيداء قاحلة تخلو حتى من أفقٍ يُرتجى.

تختلف نظراتنا إلى حياتنا، كما تختلف بصمات أصابعنا. وكل واحد منا أرهقته الحياة، فانحنى رأسه، وجفّ ريقه، وخارت قواه.

لقد مللنا الحديث، وسئمنا النقاشات الطويلة التي محت كل آمالنا وحفرت في أعماقنا فقدان الأمل. أجل، حفرت اليأس بداخلنا دون أن تُلقي التفاتة واحدة لصرخاتنا وشهقاتنا.

إلى متى؟!

لا وصل… لا ذكريات… لا شيء سوى أطياف مبهمة لا تزال، رغم قسوتها، تثير فينا شيئاً من الفخر!

طالبة هندسة مدنية في جامعة TU

فيينا /النمسا

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى