Site icon المزمار الجديد

خواطر قد لا تسر الخاطر

فيصل أبو شادي

أريد أن أعود طفلاً، أبكي لا حزناً، ولا ضياعاً، ولا فقداً، ولا هواناً، لا لسبب… ولا لأسباب.

أريد أن أكون طفلاً أبكي غيرةً وأنانيةً (دلعاً) لأتفه الأسباب.

أريد أن أكون طفلاً… أبكي لا لشيء… لا أعرف شيئاً… لا أريد أن أكبر… لا أريد لحية، ولا شارباً.

أريد أن أعود طفلاً… يصرخ في وجه الأيام؟

أريد أن أعود طفلاً… سأُعيد إليكم الجغرافيا، والتاريخ، والقومية، والحساب، والفيزياء… والكيمياء… لن أعدكم بأني سأُعيد (العربية)… لا أعرف لماذا؟ سأُعيد لكم كل شيء… فقط أريد أن أعود طفلاً… أبكي بلا أسباب، وأفرح… وأضحك… وأحب… بلا أسباب.

أنتم خذوا كل الأسباب… فقط أريد أن أعود طفلاً… بلا أسباب.

قارئة الكفّ، والبخت، والفنجان، تحت الرمل… فوق الحجر… وعلى جانب السخرية ودراما الأحلام… نبكي الغد.

ينتابك الخوف… حدّ الرعب والهذيان، عندما كنتَ تسمع… تُشاهد… تقترب من أي سلطة أمنية، حتى لو كان حارس بلدية.

هذا الأمر أصبح الآن للتندّر (مسخرة)، لأنك تعيش رعباً… وهذياناً… ورجفاناً حقيقياً، وليس افتراضياً… للأسف، ليس من الله، بل من بعضنا البعض… بأي درك نحن؟!

يا مال الشام يا الله يا مالي… عزف منفرد… على مقام وطن.

الفاسد والمرتزق (ذكي)… عندما تكون أنت الغبي،

والجاهل هو السيّد… عندما تكون أنت الأميّ… احرق كل كتبك ودفاترك.

“سقى الله”… اشتقنا للرجولة… والرجال في زمن عزّت فيه.

وأنت في رحلة الشيب والمشيب… والعكّاز… والكُزلك، تعود بأمر الحب، والرغبة الدفينة، والآه الدافئة… والدمعة الرفيقة، إلى مقاعد دروس جيّرها الحب، والامتنان، والحيرة، والعرفان… إليك.

تعود الذاكرة… ويعود دورانها… ويعود التحدي… وتعود الابتسامة… والحضن الدافئ… وسراج الأُنس العتيق… وروح العلم والتعليم… والمدرسة والتدريس… ومقاعد الامتحان… وكتب الماضي والحاضر.

اللحظة الوحيدة ربّما التي تتحدى فيها الشيب، والعكاز، والكزلك، والعِلم، والقرطاس… “والتعرّق”… وفنجان قهوة بارد… ونسمة حنين على بساط المحبة.

شئت أم أبيتَ… أيها الأب، أيتها الأم، أنتَ ابن سينا… وابن حيان… والفارابي… وابن خلدون… وابن ماجه… وشكسبير… وهمنغواي… وتولستوي.

لن يقتنع، مهما حاولت، بعكس ذلك؟ إنه يُحبك… ويقتدي… فابتسم للحياة.

عمرٌ بطوله وعرضه… بعلوه وانحداره… يا أمي، لا زلتُ أبحث عن هوية.

متى أمتلك سيفاً، وكتاباً، وقضية؟ متى أمتلك حلماً، وزهرة، وأرضاً، وبذور هوية؟

حانت صحوتنا… أم لا زلنا نتوسد غفوتنا؟

هل أصبح لدينا بندقية، وترس، وسيف، وقضية؟

أم لا زلنا نبحث عن طفولة، ورجولة، وعيشة أبية؟

متى تأخذوننا إلى فلسطين… أم لا زلنا نبحث عن دار، وهوية؟

وسط الألغام نعيش، وعَلَم العروبة لم يَعد قضية، وهو باقٍ ينتظر انتصار القضية… ودار… وشعب يبحث عن هوية.

مات نزار… ومات درويش… ولم نصنع بندقية، ولم نغزل كنزة صوف لندفئ عظام القضية،

بل أصبح لكل طفل قضية… تبحث عن أم، وأرض، وهوية.

كاتب سوري من الرقة

Exit mobile version