Site icon المزمار الجديد

خواطر قد لا تَسرُّ الخاطر

فيصل أبو شادي

غاب علي البشير والأوضة، والهويدي… والمومي… وصياني الثريد… والقهوة المُرّة.

تسلّق الأقزامُ أسوارَ التاريخ.

غابت دبّوس الجِير، وغاب الكلُنك، والخنجر، والمحذاف… فامتلأت شوارع المدينة بالفئران.

غاب عبد السلام العجيلي… فغاب طبيب الهوى.

غاب مصطفى الحسون… وفيصل البليبل… فنسينا: من قاسيون أطلّ يا وطني.

غاب أبو فيصل… وجاسم الكليب، فغاب لُكس الدبجة، والخمسة، والقوسار.

غاب حسين الحسن، وچيجان الذخيرة، وزيد الهويدي، وحسين العصمان، ومحمود الذخيرة… فغابت التعليلة.

غابت الهباري، والصاية، والكُذلة، والعُصبة… ومحْزَم الشْويحي… والردّان… وفقدنا الحياء (الحيا)!

غاب عجّان الحديد… والسدلان… والمغَط… وأبو العيش… والشيش والكُردة… فتكاثرت اللحى بالشوارب…؟؟!!

**

رحل جمال عبد الناصر… وغاب “ما أُخذ بالقوّة لا يُستردّ إلا بالقوّة”.

رحل الحسن الثاني، والسادات، والحسين الرابع عشر، وبو (رقبة)… واستُنبِتَ بن زايد، وحمدكي… وساسُوكي؟

رحل فيصل، وتصدّقنا بالمازوت… والعطور على روحه للغواني والراقصات.

رحل الضبع، والنسر، والحُصيني، وديك الدجاج، ولا زلنا نضرب طبل الصمود والتشظّي.

غابت النظارة السوداء… فطالت اللحى وقصرت الشوارب.

غاب صدام حسين، وياسر عرفات، وأبو جهاد، وأبو إياد… فعاد الخميني وأوقد لهيب زرادشت…؟

غاب نزار قباني، وعبد الحليم حافظ… فانتعش عمل قارئة الفنجان… وترسل من تحت الماء… “يا ولدي، قد مات شهيدًا، من مات فداءً”.

غاب الماغوط… وأصبح اليمن يمنين… ولبنان أربع… و(إسرائيل)… بلدًا شقيقًا؟!!

**

مهما هربت، وتنكّرت، وتجمّلت… ندوب الدهر تُصيبك.

فلا تجزع… وابتسم لسطوة الأيام.

وزهرة الأمل تنتظر حلماً أبيض، كان أم ضبابَ الأيام زائل. فالشمس يقيناً تسطع: نوراً… دفئاً… أملاً…؟!

يُدغدغ عَنينُ الرّبابة أوجاع دهرك.

وتلهث بالسؤال… عن أحباب الصّبا، و(شيب) الشباب.

ألا أيها الدهر، استدر…؟

واسترح… رأفةً بلهفِ قلب أضناه الفراق.

**

لا عجب بعد أن أصبحت طرفةٌ من هذا الزمان تُثير الوجع، حتى وإن جاءت غير مباشرة ومستترة… لكن…؟!

هذا ما جناه عليَّ هذا القلم الجاف…؟!

رسالةٌ لصديق عُمر، هذا نصها:

“أيها الصابر… الصبور، اكتب طلاسم، وسأعود لها، لأننا في عهد الطلاسم.

كنا للهندسة الفراغية، وكنا للغة العربية. لا تستهويني الهندسة، بل أعشق العربية… وها أنا للإثنين معاً… تضيق الدائرة، حتى أصبحت مربعاً.

تضيق مساحته عند كل حركة ساكنة؛ يُحاصرك الزيت والسكر والمازوت… والمرض… ويعشّش معك الأمل.

ينشطر المربع، فيُلقيك بأحد شطريه مثلثًا متساوي الساقين.

وتُسعفك الذاكرة الهندسية، فتهرب إلى مستقيمين متوازيين، علّها النجاة… فهما لا يلتقيان ولا يتقاطعان، لكنك نسيت أنهما طَبُوقان.

فعند الهرب… يخترقك المستقيم بألف أوله، وياء آخره.

وتتحوّل إلى قطعة مستقيمة تبدأ بألف الأمل، وتنتهي بياء المنادى…؟

**

إن قهرتك المرآة، فأنت لست بخير.

وإن قهرتك امرأة، فأنت لست بخير.

وإن قهرك الدرهم، والدينار، والدولار، فأنت لست بخير.

وإن قهرك جيبك، فأنت لست بخير.

وإن قهرتك كرشُك، فأنت لست بخير.

وإن قهرك وطن، فأنت لست بخير.

وإن قهرك طفل، فأنت لست بخير.

إن قهرك داء… ألم… وجع… فأنت لست بخير.

إن قهرك ضمير “الأنا”، فأنت لست بخير.

إن قهرتك الحياة، فأنت لست بخير.

إن قهرتك الغربة، فأنت لست بخير.

إن قهرك المخيم… والنزوح… وفلان وعلان، فأنت لست بخير.

إن قهرك الموت، فأنت لست بخير.

إن قهرك ….. فأنت لست بخير.

إن لم يقهرك…….. فأنت بخير.

أيها الوطن… أأنت بخير؟؟؟

**

الكثير ممن داست أقدامُنا أراضيهم يستثقلون حجم وجودنا، ويحتارون: كيف السبيل لتدجيننا، وسَوقنا كالأنعام؟

الخديعة لم تُفلح، والخبث كذلك، ولا ابتلاع البحار والأنهار لنا.

ولا الزلازل نالت من عزمنا.

نتغنّى بالحياة تحت الركام وفوقه… ويلعب أطفالنا بوحل الأيام.

الكراسي الموسيقية.

نسوا أننا صُناعُ التاريخ.

نعشق الجمال وننظم الشعر له. أبناء الشعر والحكايا والحواديت.

نحن نُجيد التغنّي بالطبيعة على مدار الفصول.

نُعلِّم، ونُسمع من كان به صمم.

لكن… و… لكن؟؟

5/4/2025

Exit mobile version