مشاهدة المباريات بالإكراه مرفوضة

عيد فؤاد
ثروت سويلم عضو رابطة الأندية المحترفة لكرة القدم في مصر أثار لغطاً كبيراً في الأوساط الرياضية، وذلك عقب الخروج بتصريح غريب ومفاجئ عبر شاشة إحدى الفضائيات العربية مؤخراً، مفاده أن تشفير الدوري الممتاز “أ” المصري للعبة مقابل 200 جنيه سيحقق عوائد مالية قدرها 3 مليار جنيه يمكن أن يتم توزيعها على الأندية المشاركة في هذه المسابقة على حد قوله.
لم يبلغنا “ثروت بيه” من الذي تفنّن وتقدّم بهذا الاقتراح الغريب والذي ينص مضمونه على أنه سيكون هناك 100 جنيه قيمة الاشتراك السنوي ومثلها كقيمة لسعر جهاز الاستقبال، أي أن المواطن المصري سيصبح مطالباً بدفع 200 جنيه إذا ما أراد مشاهدة الدوري المصري!!
هذا الكلام الخطير والغريب الذي يصدر عن مسؤول في منظومة كرة القدم المصرية “الفاشلة”، في نفس الوقت الذي أتساءل، هل يوجد لدينا في مصر فعلاً كرة قدم حقيقية حتى نستطيع أن “نشفّر” المسابقة .. أشك؟
ولماذا هذا التوقيت بالذات الذي يتمّ الإعلان فيه عن تشفير المباريات وقبل أن ينتهي الموسم الأطول في تاريخ كرة القدم منذ دخول اللعبة مصر بصفة خاصة، والعالم بصفة عامة؟
رسالتي للنائب المحترم اللواء ثروت سويلم ..لا يمكن التفكير في الإقدام على هذه الخطوة الا في حالة واحدة فقط، وهي وجود سلعة حقيقية يستطيع الناس أن يتغنوا ويتباهوا بها، ونجد كبرى قنوات العالم تتبارى للفوز ببثها عبر شاشاتها، بينما ما يحدث عندنا في الوقاع يسمى لهوا وليس لعب كرة قدم حقيقية مثل التي يعرفها ويمارسها العالم المتقدم في هذه الرياضة المعشوقة لمليارات البشر على كوكب الأرض.
يا ثروت بيه ..إذا كنت أنت شخصياً ورفاقك، باقي أعضاء رابطة الأندية برئاسة النائب أحمد دياب فشلتم في تنظيم دوري منتظم والذي استمر طوال سنة ميلادية كاملة، رغم تواجد عامر حسين خبير المسابقات وعضو اللجنة، وهو في نفس الوقت عضو مجلس إدارة اتحاد الكرة معكم، فكيف ستبيع سلعة لم تحاول الأخذ بيديها وانتشالها من عثراتها المتتالية طوال السنوات الماضية في يوم ما، حتى أنّ هذه اللعبة، وبسبب إداراتكم الفاشلة لها لم تخدم المنتخبات الوطنية، والنتائج الهزيلة خير شاهد وآخرها أولمبياد باريس 2024 .
يا سادة من يبحث عن “شو إعلامي” لنفسه وأن يكون تريند وحديث السوشيال ميديا أمر يسير جداً، أما وأنك في موقع المسؤولية فإن الوضع يختلف تماماً، لأن الكلمة هنا ستكون عليك بحساب، وبالتالي لا يصح أن تخرج علينا باقتراح “تهّيج” الرأي العام في ظل وضع اقتصادي متردي تمر به البلاد، نتيجة عوامل خارجية ساهمت فيها بعض الدول “الامبريالية” التي تحاول النيل من مصر وأوصل الاقتصاد إلى هذا المرحلة السيئة، وبالتالي فإن المواطن لن يستطيع تحمل المزيد من الأعباء، في وقت يرى أن هذه السلعة، وأعني بها كرة القدم، هي المتنفس الوحيد “المجاني” له ثم أزيد الضغوط على المواطن “وأعكنن” عليه أكثر حتى ينفجر وتكون النتائج كارثية.
وجهة نظري الشخصية .. مثل هذه الاقتراحات يجب التمهيد لها تدريجياً، بمعنى، عندما نرى أن الوضع الاقتصادي قد بدأ في التحسن، حينها استطيع أن أجرى استطلاع رأي بين أبناء الشعب أولاً، ثم بين الأندية المشاركة في بطولة الدوري الممتاز “أ” ثانياً، باعتبارها معنية بالاقتراح، وبين مسؤولي رابطة الأندية بعد ذلك، وأخيراً مجلس إدارة اتحاد الكرة، حتى استطيع تكوين انطباع كامل عن كل هذا، وعقب ذلك يتم ادخال الاقتراح حيز التنفيذ إذا تمت الموافقة عليه من كافة هذه الأطراف السالف ذكرها، أو بالأغلبية ..غير ذلك فلا وألف لا.
أخيراً.. يجب أن يعلم الجميع بأن اللعبة الشعبية الأولى في مصر هي بمثابة أمن قومي للبلاد، ولا يحق لكائن من كان أن يُجبر الشعب على مشاهدتها بالإكراه بمقابل مادي .. اعتقد أن الرسالة وصلت.