Site icon المزمار الجديد

عسلٌ جبلي

إبراهيم النمر

حين أغرقني الدمعُ وعجزتُ عن الكلام، أنهيتُ المكالمة وأغلقتُ الموبايل وارتديتُ وجعي!..

لم يكن يسيراً عليَّ أن أتركها مُعلَّقةً على خط هاتفها، الذي ربط بيننا، بعد أن وعدتني بألَّا تتركه إلى آخر العمر.

ارتبطتْ جميع الأشياء البيضاء بها!

صرتُ أرى الألوان جميعها مرتديةً قمصانها البيض وابتساماتها الهادئة!

كلُّ يومٍ مرَّ عليَّ محمَّلاً بعطر كلماتها!

لم ينقطع مددها عني يوماً واحداً منذ عرفتها!

ربما لأنني محظوظٌ إذ عرفتها؟

كنتُ أكتب، وكانت تكتب، وكانت تلتقي الكتابةُ جدولَ حنين!

لا أنتظر جُملَها، لأنني أستطيع قراءتها قبل أن تكتب لي ما تريد!

كانت تكتب بجرأةٍ لم تعهدها من قبل! فالحبُّ يُغيِّر خارطة الأشياء ومعانيها إذا تمكَّن من قلب العاشق، حتى يصير نهراً من الحنان.

لم يكن ينقصني الحزن قبلها، لكن الذي أبهجني وأسعدني، أن الدمعة صارت لي وطناً وصار لها فعل السحر!

لا هاتف يخلو من دمعة!

ولا عبارة تنتهي دون أن تدخلَ الدمعةُ جملةً اعتراضيةً فيها!

قلبي كلما حدَّثتُها نفر كغزالة، واشتدَّ كعنق إبريقٍ فيروزي!

كنتُ أرسم لقلبي صورةً، تشبه صورة ملكٍ قادرٍ محكَّم، لكنها كسرت جميع تلك الصور في قلبي، وأحالتني كائناً رقيقاً هادئاً، كأغنيةٍ رومانسية! دامعاً كصوفيٍّ توحَّد بها، وحلَّ بها، وحلَّتْ به!

كنتُ أقول لها: تعالي، فتردُّ بضحكةٍ طفولية تشبه جدول ماء، رغم أنها بعيدة:

سآتيك.. أعدك.. لا تراهن على غيابي، فأنا لك..

كنتُ أقول لها: أنتِ فرحي، وهي ترى دمعتي وانكساري!

ولشدَّة ما مرَّ بي من فرح، صرتُ أرى الدمعة تُشي بفرح، والبعدَ يؤسِّس لاقتراب موعد اللقاء.

كانت تُذكِّرني ما نسيتُ من أشعاري، التي احتجتُها لأعبِّر بها عن مدى حبي لها!

كانت تُقاسمني القصيدة، كما قاسمتني الدمع والشوق!

كانت أنثى بحقل، وامرأةً بكون، وكنتُ مندهشاً ومتعلقاً بأدقِّ تفاصيلها!

وحين يداهمني الحنين، مسلَّحاً بالشوق، أستسلم لها، وأُعلن أني لها، ولا أحد في الكون غيرها، يستحق هذا الشعر الذي سال عسلاً جبلياً.

كان يكفيني هواكِ

كان يكفيني هواكِ

بادئَ الأمرِ

ولكنْ

أستزيدْ..

أطلقي أسري

فإني

عن هواكِ

لا أحيدْ..

اتركي لي

دمعتي البيضاءَ،

والقلبَ،

وإعجابي الشديدْ..

لستُ طفلاً

غير أني في هواكِ

ذلك الطفلُ السعيدْ..

لستُ ناياً

غير أني

قد تآخيتُ

مع الحزن الوليدْ!..

لستُ عبداً

غير أني

بتُّ أرضى،

منكِ أطواقَ الحديدْ!..

قلتُ هذا

وأنا أبعثُ لحني،

كلَّما قلتُ كفاني،

هاج شعري من جديدْ!..

لا أريدْ..

لن أزيدْ..

أنتِ لي وحدي

وإني أُعلنُ اليومَ انعتاقي

بعد أن فاضَ القصيدْ..

كان يكفيني هواكِ،

بادئَ الأمر ولكنْ

أستزيدْ.

غير أني

قد تآخيتُ

مع الحزن الوليدْ!..

لستُ عبداً

غير أني

بتُّ أرضى،

منكِ أطواقَ الحديدْ!..

قلتُ هذا

وأنا أبعثُ لحني،

كلَّما قلتُ كفاني،

هاج شعري من جديدْ!..

لا أريدْ..

لن أزيدْ..

أنتِ لي وحدي

وإني أُعلنُ اليومَ انعتاقي

بعد أن فاضَ القصيدْ..

كان يكفيني هواكِ،

بادئَ الأمر ولكنْ

أستزيدْ.

Exit mobile version