Site icon المزمار الجديد

فراش الحناء.. ذاكرة الأصالة الجزائرية

حسينة بوقندورة

تتشابك خيوط الذهب وتلتقي الغرز لتروي تاريخ أمة أبدعت نساؤها في رسم لوحات فنية وإنتاج لباس يُشهد له عالمياً بأنه فخم، لباس يُعدّ من الشواهد المادية على تطورات فن الطرز، الذي أخذ من كل حضارة مرت على أرضنا وامتزج بخصوصيات جزائرية، لتولد مهارة يدعو باحثون إلى الاهتمام بها أكثر، وتلقينها وزيادة الدراسات والبحوث الأكاديمية حولها سعياً لحمايتها.

لم تقتصر القطيفة والمخمل المطرزان بخيوط ذهبية على لباس نساء الجزائر وأحذيتهن، بل امتد ليشمل فراش العروس الجزائرية وكذا الطفل المختون.

تظهر العروس ليلة الحناء كملكة على العرش يوم تتويجها، وهي جالسة على فراش وثير من قطيفة جنوة مطرز بخيوط ذهبية، محاطة بوسائد من كل جانب، تخالها في هودج بديع. تكون هناك وسائد مخصصة للجلوس عليها، وأخرى للظهر والجانبين كذلك، والمهم للغاية الوسائد التي تضع عليهما يديها ورجليها من أجل عمل الحناء.

بعد الانتهاء من الحناء، تقوم النسوة بتغيير هذا الفراش بفراش مخملي لنوم العروس. غداً، يأخذ الرجال مصوغات العروس وثيابها ومعهم الأفرشة إلى بيت الزوجية، ويرافقهم بعض النسوة ليرتبنها في بيتها الجديد، وتحتفظ العروس بفراشها المطرز، ولا يخرج إلا في الأعياد وليلة المولد النبوي الشريف.

اختفت هذه الظاهرة الجميلة في سنوات التسعينات، لتُستبدل بالصالونات الأجنبية، لكن الحنين للماضي الجميل جعل حرائر بلادي يتمسكن بكل ما هو أصيل، ويجعلنه شيئاً مقدساً، ليعود الزمن الجميل بكل طيفه.

Exit mobile version