استراحة المزمار

استراحة “المزمار”

نعيش الواقع بصدق بعيد عن أي رتوش.. ونحاول كسر حاجز الصمت في الإدلاء بما يمكن أن يُحكى عنه بكل صراحة، لا سيما أننا بحاجة إلى معرفة آراء من يعيش الواقع بالرغم من مؤسياته، وما الإنسان إلّا خلاصة ما استوعب من تجارب، فضلاً عن أنها تسلط الضوء على حياتنا الخاصة، ما يمكن أن تفيض به ذاكرتنا وما يحيط بنا من صور مفرحة وحزينة تلامس حكاياتنا  النابضة بالحياة وما أكثرها.

استراحة “المزمار” تُعنى بعشاقه وبجماهيره ومحبيه.. وبالحالمون بغدٍ أجمل..

عبد الكريم البليخ

إضحكك

.. تضحك الدنيا معك.. تبك تبكِ وحدك

ليس عدلاً!

ـ المعلم: إذا كان واحد زائد واحد يساوي اثنين، واثنين زائد اثنين يساوي أربعة، فكم يساوي أربعة زائد أربعة؟

ـ الطفل: هذا ليس عدلاً.. انك أجبت على الأسئلة السهلة وتركت السؤال الصعب لي!

هو أدرى!

الأول: انني لم أسعد أبداً بمقابلة زوجتك.

الثاني: وماذا يجعلك تظن أنك ستكون سعيداً بمقابلتها!

وفاء زوجة!

قدمت زوجة إسرائيلية بلاغاً إلى الشرطة بأن زوجها مفقود. وقد دلّت التحريات أنّه قد مضى على فقدانه حوالي خمسة أشهر، ولما استفسر رجال الشرطة من الزوجة لماذا لم تبلغ عن غياب زوجها كل هذه المدة؟ أجابت بأنها لم تشعر بفقدانه حتى تلك اللحظة!

لماذا يعيش؟!

أرسل شاعر مبتدئ قصيدة إلى أحد المحرّرين عنوانها “لماذا أعيش؟” وبعد أيام أعيدت له القصيدة مع ملاحظة تقول: “نأسف لعدم تمكننا من نشر قصيدتك، ولكننا نستطيع أن نجيب على سؤالك. إنّ السبب في أنك تعيش هو ارسالك القصيدة إلينا بالبريد ولم تحضر شخصياً لتسليمها الينا!”.

ابتلع الحصان!

أصرّ الرجل أما الطبيب النفساني على أنه ابتلع حصاناً ولم يستطع الطبيب بما عنده من قوة اقناع أن يجعل الرجل يغير اعتقاده، وفي حالة يأس قال له الطبيب: اننا سنجري لك عملية لإخراج الحصان، وكانت الفكرة هي اعطاؤه مخدراً لفترة بسيطة واحضار حصان إلى غرفة العمليات أثناء غيبوبته.

وحينما أفاق المريض أشار الطبيب إلى الحصان وقال للمريض: إن هذا الحصان لن يزعجك بعد الآن.

فهزَّ المريض رأسه وقال: ليس هذا الحصان الذي ابتلعته. إن الذي ابتلعته أبيض اللون.

لكي لا ينسى

ـ الأول: لماذا تربط خيطاً حول أصبعك؟

ـ الثاني: أنّ زوجتي هي التي ربطته حتى لا أنسى أن أضع الخطاب في صندوق البريد.

ـ الأول: وهل وضعته!

ـ الثاني: كلا .. لأن زوجتي نسيت أن تعطيني إياه.

سنة واحدة .. فقط!

ذهب موظف إلى رئيسه يشكو إليه اجحافاً لحق به، ذلك أنّه مضى على وجوده في الخدمة خمس وعشرون سنة. ولما شغرت احدى الوظائف أسندت إلى موظف دخل الخدمة بعده بسنوات. فقال له المدير: يا صديقي صحيح أنك أمضيت في الخدمة خمساً وعشرين سنة، ولكنك لم تحصل على خبرة خمس وعشرين سنة. إنّ كل ما حصلت عليه من خبرة سنة واحدة تكررت خمساً وعشرين مرة.

ضحية الضجّة.. والهدوء!

الموظف لزميله: يبدو عليك التعب.

الزميل: نعم.. إنني لا أنام إلا قليلاً لأن زوجتي توقظني كلما سمعت ضجة في الليل خشية أن يكون هناك لصوص.

الموظف: ولكن اللصوص لا يحدثون أية ضجة!

الزميل: لقد قلت لها ذلك فأصبحت توقظني كلما ساد الهدوء وانقطعت الضجة!

مستعدة للمعركة!

الكاهن: إن ابنتك صغيرة للزواج.. هل تعتقدين أنها مستعدة لمعركة الحياة.

الأم: نعم يا سيدي لأن خطبتها عقدت ثلاث مرات قبل الآن.

سرّ قوته!

في احدى الولائم قال أحد الضيوف لجاره على المائدة: انني آكل لحم الفحول طول عمري، ولهذا فإنني أصبحت قوياً كالثور.

فرد الضيف الآخر: غريبة.. لقد مضت عليَّ سنوات وأنا آكل السمك بكثرة، ومع هذا لا أستطيع أن أسبح مسافة متر واحد!

سبب غناه!

الأول: هل تؤمن بالوراثة؟

الثاني: طبعاً، إنها الوسيلة التي أوصلتني إلى هذا الغنى.

زمن جميل .. ولكن؟!

يظل ما يعرف بالزمن الجميل مرتبط بماض عريق، عايشه جيل متسلّح بالوعي، وبالثقافة النوعية، وحبّ الناس واحترامهم، واتساع المعرفة والإدراك. زمن الإشراق والبهجة والطمأنينة والراحة برغم إلحاحه.

ذاك هو الجيل الذي نشأ على حب اﻵخرين، وتوزع اﻷدوار بفخر كبير، ونجح في الكثير من المجاﻻت.

ومن هنا، أطلق على ذلك الزمن، بالزمن الجميل، الذي لم يعرفُ أبناؤه سوى إسقاط العلاقات، والتي أكثر ما شابها الحب والصدق والنزاهة.. ناهيك بوقع المكان ودفئه.

صور جد جميلة، طوتها اﻷيام مع مرور الوقت، ومن بين هذه الصور التي تعيد بنا إلى الوراء، فريق كرة اليد سواء بناديي الشباب أو الفرات في مدينة الرّقة، اللذين احتضنا عدداً لا بأس به من اللاعبين المميزين الذين حفروا أسماءهم بأحرف من ذهب، وما زالت الذاكرة، وعلى الرغم من المسافات التي تفصلنا عن تلك الفترة المخملية، تحتفظ بأسمائهم طواعية، ولا مجال لذكرهم اﻵن، ﻷنهم أكبر من أن يشملهم التعريف، لا سيما أنهم يظلون منارة مشعة في أذهان وقلوب من واكب، وعاش في تلك المرحلة الذهبية، برغم الفقر المدقع، إلا أنها تظل صاخبة، ممتعة، تهزّ مشاعرنا، وتؤسس لمستقبل مشرق.

ما كنت تجد طربوشاً إلا في دكاني

فارس الخوري ـ العلّامة والسياسي السوري الراحل ـ كان رجل ظرف ومواقف مشهورة في شجاعة الرأي، وقد جمع بين همّة الشباب وحكمة الكهول!

ويروى عنه يوم كان رئيساً لمجلس النوّاب، في سورية، منذ سنين طويلة، أنّه ذهب إلى سوق

(الحميدية) المشهور شهرة سوق (الموسكي) في القاهرة، وقصد أحد محلات كي وبيع الطرابيش ـ يريد ابتياع طربوش جديد بعد أن أعياه البحث ـ فوجد ضالته عند صاحب ذلك الدكّان الدمشقي، ولما استفسر عن ثمنه، هاله أن البائع غالى في طلب الثمن، فقال له مداعياً:

ـ يا هذا، أنّك لن تجد لطربوشك (رأساً) كبيراً يناسب أحداً غيري، إلّا رأسي، فما كان من البائع الظريف إلّا أن عاجله بجواب:

ـ وأنت يا مولانا، ما كنت تجد طربوشاً يُناسب رأسك إلّا في دكّاني!

صنف خبيث

بتُّ أعالج نفسي من أمراض باتت تصيبنا من قبل بعض الناس الوضيعين الذين يعيشون في المجهول، ويدّعون الثقافة والفصاحة، وهم لا ينتمون إلى أبسط تعريفاتها، وتدفع بهم كراهيتهم وحقدهم البغيض، لو أتيحت لهم الفرصة، لاعتلاء ظهور الخيل، ويباغتونك بطعنة خنجر قاتلة، أو اصطيادك بنبال حادّة ترمي بك عن ظهر فرسك، لا لشيء وإنما هكذا لمجرد الغيظ والكره والحقد الأعمى الذي يحفّزهم للنيل من الآخرين!.

ماذا يمكن أن نطلق على هذا الصنف من الناس الذي يعودون بعرقهم إلى جنس البشر، وليس هم كذلك!

نوع غريب من الناس يفيضون بالحقد والبغض وما يهمهم سوى لعنة الآخرين والإساءة لهم!

ما هو السرّ الذي جبلوا عليه؟ كيف يعيشون؟ ولماذا يكرهون الناس بلا مبرر، إلى حد القطيعة الفظيعة؟ ولماذا يبيّتون لهم كل هذا السّواد البغيض؟!.

إن أمثال هؤلاء موجودون بيننا وبكثرة. يعيشون وبتفاخر معتزّين بأنفسهم، ونعرفهم ويعرفهم غيرنا جيداً، ولكن لا يمكن أن نوقفهم عند حد، فلماذا خلقوا بهذه النفسيات المتعجرفة؟ وكيف وصلوا إلى ما هم فيه من علم، واجتهاد؟.

أمثال هؤلاء -وللأسف- تراهم اليوم يحصدون النتائج، ويكسبون أرفع الأوسمة.. ونجح كثير منهم في معترك سلم الحياة.

كيف ذاك لا أعرف، ولا يمكن لأحد أن يعرف؟! فضلاً عن أنهم يتصرفون مع أبناء جلدتهم بفوقية وكبرياء وعجرفة وحقد أعمى، وينسون أنهم غير مرغوب فيهم في المجتمع، أو مرحب بهم، ولا أحد يأخذ بيدهم!. إنهم صنف خبيث!

 هذه الشريحة من الناس كثير منها يعبث في الواقع، ويعيش الحاضر بكل ما فيه من بهجة وسرور، بل ويزدادون غيّاً وعنجهية وكبرياء وألقاً!.

عينة شاذة من النقاد السلبيين

من الناس من يسوؤهم أن نعمل؛ لأنهم لا يعملون، ولا يحبون العمل لأنفسهم ولا لغيرهم في أي حقل من حقول العطاء، ومن الناس إذا عملت وأبدعت في عملك على درب العطاء، حيّوك وأثنوا عليك بما تستحق، لأنهم يعملون ويهمهم أن يعمل الناس.

ونحن معشر الذين نحب أن نعمل، ويعمل الآخرون، قد ابتلتنا المصيبة بعيّنة شاذّة من النقاد السلبيين لا يفتأ الأدب نثره وشعره يستغيث منهم بالمنصفين من القرّاء والمتذوقين ويستجير يائساً.

أسوق هذا الكلام في أعقاب الحملة الظالمة التي كان قد شنّها أحدهم على شاعر معطاء بمناسبة صدور ديوانه الشعري، فكان من الغرابة المضحكة أن ترك الناقد ديوان الشعر، وسلط قلمه ولسانه على الشاعر.

إنّه لمن الافتئات على العمل الفني، وأد الموضوعية وذبحها على عتبة الغرض الشخصي، تشفّياً ومكابرة على الحقيقة في رابعة النهار.. عجبي!

صور من الذاكرة

هل تغيّر الزمن، أم نحن الذين تغيرنا بالفعل؟ من خلال استعراضي للعديد من الصور التي احتفظ بها في ألبومي الخاص، وعبر مراحل زمنية معينة، فإني أعود إليها بين فترة وأخرى، علّ وعسى أن تدخلني في دوّامة من استرجاع تلك الذكريات الجميلة، واستذكار ذلك الزمن الذي عشناه بأفراحه وأتراحه، على الرغم من العوز والحاجة والتي كانت تظللنا في وقتها، وفعلت ما فعلت بحياتنا، إلا أنها تظل فيها من ألوان السعادة والحب ما يكفي.

 تلك الصور، وغيرها التي احتفظ بها، وأقارن بين زمن مضى، وآخر أدركنا، وثالث لا زال يجرّ ذيول الخيبة!.

قدرنا هو أن نضع يدنا على خدنا، مع صباح يوم محفّز، ونعود بالذكريات إلى تلك الصور التي تعد جزءاً من ماضٍ جميل طالما يغمرنا بالفرح تارةً والسعادة والحزن تارةً أخرى. وإن كانت المقارنة تظل في غير محلها، فإن الذاكرة تحتفظ برصيد غير متوافر الآن لاستعراضه، وهذا متروك للزمن الذي يفاجئنا بالجديد مع كل صباح متجدد.

نستعرض عدداً من الصور، وندرجها تحت أعيننا، وأعين أصدقائنا ومحبينا لعلها تعيد إلى قلوبنا، التي أجهدها الزمن، وأتعبها الوقت من أن ندرك معها مدى الحب الذي تتركه في قلوبنا، وهي السعادة الحقيقية بالنسبة لنا، لا سيما أنها طالما تعيدنا إلى ما فيه من ألوان الحب والسعادة الكثير، على الرغم من كل المنغصات التي أصابتها في الصميم!

لغة العيون

تستطيعُ العين أن تجمع كل طاقة القلب في نظرة واحدة، كما ويمكن للعين أن تحمل المرارة في نظرة، وتحمل أسى الأيام في نظرة. ويمكن للعين أن تتكلم بدون ألفاظ ينطق بها اللسان، وأن تقول في لمحة واحدة ما يظل اللسان يرويه في ساعات أو في أيام.

إنَّ الإنسان يتركّز كلّه، ويمكن تلخيصه كلّه في العين، ولذلك فأنا أحب العيون، وأخاف العيون. والفلاسفة والشعراء لم يهتموا بشيء في الإنسان بقدر ما اهتموا بالعين.

فالعيون تقوم في بحر خفي من الدموع والأفراح، بحر قد نراه أحياناً وقد لا نراه، ولكنه قائم وراء العين. وأقوى العيون تأثيراً هي عيون الأبرياء.. عيون الأطفال والمظلومين، فإنهم لا يستطيعون التعبير بلسانهم بقدر ما يستطيعون التعبير بعيونهم.

كم أحب العيون وأخاف العيون.. كم أحب الحديث الصامت الذي ينطلق من بين الجفون. فهو يملك من التأثير على القلب أقوى مما يملكه أبرع الشعراء وأكثرهم عبقرية في صناعة الألفاظ.. وخير من قال جرير:

إنّ العيون التي في طرفها حَوَرٌ

قتلننا ثمّ لم يُحيين قتلانا…

يصرعن ذا اللّبّ حتى لا حراك به

وهن أضعفُ خلق اللّه إنساناً…

وللعين صفات اخرى، وتكمن في تمنّي زوال النّعمة، وتكون مكلّلةً بالصّفات الذّميمة، كالغيرة، والحقد، والكراهية.

أما العين القاتلة (السمّية): فهي من أكثر أنواع العين ضرراً؛ فهي تخرج من العائن إلى المعيون بقصد الضّرر به.

قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:

“عَلامَ يَقْتُلُ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ، هَلا إِذَا رَأَيْتَ مَا يُعْجِبُكَ بَرّكْتَ”.

زمن اليورو والدولار!

نسأل، في هذا الزمن العربي المالح: لماذا يسيطر الحزن على قلوبنا وفي عقولنا؟

ما هو السرَّ الكامن وراء كل هذا الحزن وألوانه وأطيافه؟

ماذا يمكن أن نفعل حيال هذا الكم من الأحزان التي تؤلب حياتنا وتدميها؟

كم يصعب علينا نحن، وبصورة خاصة، الذين كنا نعيش أيام الغربة المضنية الذليلة المتعبة في الولايات المتحدة الأميركية التي لم تكن يوماً هدفاً أو مرمى، وإنما كانت مجرد طيف عابر، ومع مرور الوقت ترسّخت فينا وأبقينا عليها، وصرّنا نعجز عن إتيان أي فعل آخر يُخفّف وطأة الأسى والآلام والضيق الذي نمر به، برغم أحلام الغير، الذي لطالما يرجو أن يسعفه الحظ العاثر يوماً بالفوز بزيارتها والعمل فيها، لأنها تضمّ أغلى شيء وهو الدولار؟

ولولا الدولار لما رأيت أي عربي مغترب يطفو فوق أراضيها، أو غيره ينتظر فيها لحظة واحدة!

سألت الغالبية من الشباب العرب المقيمين هنا، في الولايات المتحدة الأمريكية، عن سرَّ بقائه فيها، فبرز الجواب كفوهة بركان:

طبيعي، كله لأجل خاطر عيون الدولار، ولو لا هذا الدولار لما بقينا فيها ساعةً واحدة، في بلاد يصعب فيها المقام!.

وكم من سؤال وسؤال يدفع بنا إلى الاعتراف بصعوبة إلى ما نواجهه من تحديات؟.

العمل، وإن كان له أبعاده وأهدافه، وإن اختلف بطبيعته كلياً عن بلادنا، وما نقوم به، ويقوم به غيرنا من أعمال، فإنها تظل أهون ألف مرّة مما نقوم به هناك، ولكن ما يرافق هذه الأعمال، الوقت الطويل الذي يقضيه طالب العمل هنا، ومع اختلاف أنموذج وشكل العمل الذي يقوم به، تراه يكره تماماً الحلم الوردي الذي أثمر نتيجة رافقها الكثير من الصعاب، وما يعتريها من ملل، وإرهاق محبط، وكما يقال: يضطرك ذلك إلى أن تخرج من “هدومك”، عجبي !!.

مفارش ولحف في المصرف الزراعي

كانت مجمل المشاكل التي تعاني منها المصارف في سوريا، وإلى اليوم، عدم تحصيل الديون المستحقة على الزبائن. في البداية، وهذا الأهم، هو اقناع الزبون – موظف المصرف – بالأوراق والثبوتيات التي بحوزته، وإذا كان هناك أي معضلة ما، وإن كانت بسيطة، يلجأ الموظف بمساعدة المدين على تجاوزها، ما يعني تسهيل الطريق أمامه لقاء دفعه مبالغ كبيرة للموظف المعني باستلام الوثائق وتدقيقها، وقد تصل المبالغ التي تعطى للموظف أكثر من نصف المبلغ المتأمّل استلامه، سواء أكانت هذه المبالغ من المصرف العقاري، أو الزراعي.. وكانت الفرصة متاحة للجميع، وهذا ما سعى الكثير من أبناء الرقة له!.

وفي احدى المرات تشاء الصدف أن ذهب صديق إعلامي إلى المصرف الزراعي في الرّقة، وكانت زيارته الأولى للمصرف، برفقة زميل صحافي مخضرم، وأثناء دخولهم من الباب الرئيسي للمصرف، استغربا المشهد. فأغلب غرف المصرف تغصّ با (المفارش واللحف)، و ما يتعلق بأدوات المطبخ من برادات وغسالات وطناجر، وقدور، وأباريق وكاسات شاي، وسجادات، وغير ذلك!

صدم صديقي من هذا المنظر الغريب. فهل من المعقول أن تشتمل غرف مصرف زراعي على أمثال هذه البضاعة؟!. أم تحوّل المصرف إلى فندقاً لاستقبال أبناء الريف من فلاحين ومنتجين ومزارعين للإقامة فيه؟. ما هي الحكاية بالضبط؟

وأثناء لقاء الزميلين بمدير المصرف أعلمهما أن السبب في تواجد هذه الصور الملفتة للنظر في مصرفنا الزراعي، هو وضع يد العاملين في المصرف على ممتلكات المقترضين الذين لم يسددوا ما عليهم من التزامات مالية تجاه المصرف، ونتيجة عدم قدرتهم على الدفع اضطرينا – بعد إنذارهم – في أكثر من مرة على احضار أمتعتهم وإيداعها غرف المصرف، كما ترون!

الغريب في الأمر أن قيمة تلك الأمتعة وأدوات مطبخ وسجادات مهترئة، وغيرها لا يمكن لها أن تغطي 10 بالمائة من الديون المتراكمة المستحقة الدفع على المدينين الذين كانوا يضطرون لدفع أكثر من خمسين بالمائة من القروض لقاء الحصول عليها، لأنهم في الواقع لا يفكرون بسداد ما عليهم من ديون للمصرف في المستقبل. وطبيعي أن أكثر من استفاد بمنح القروض العاملين في المصرف الذين تملّكوا منازل وسيارات فاخرة، وصاروا من كبار التجار، ومنهم من هرب خارج سوريا واستقر في دول الخليج أو دول الاتحاد الأوروبي مهاجراً هناك!

هل من صديق وفي؟

دفاتر الحياة تأبى إلّا أن تبوح ما في داخلها من حكايات وأسرار سواء أكانت تشتمل على أحزان أو أفراح، فضلاً عن تذكر الماضي الجميل بأيامه، وبصداقات مودة مع من نحبهم ونجلهم ونقدرهم، وهم بالمقابل يحترمون العلاقة التي جمعتنا وإياهم. وبقدر ما كنا نحترم الناس والأصدقاء بقدر ما نلق منهم بوادر حب واهتمام ورقي.

هذا طبع متجذّر فينا وجبلنا عليه، وما زلنا وإلى اليوم نتلمس ما فيه من إحساس، وحدس وشعور جميل يثير غرائزنا.

وبحضور الأصدقاء، وإن ندر وجودهم في بلاد الاغتراب، وبالكاد أن تلتقي الصديق الوفي النبيل المخلص، فإني أداوي جراحي بالوحدة التي تأسرني وأعيشها، ويعيشها معي كثير من المغتربين بالانطواء على أنفسهم، فهي شفاء لكل مغترب. إنها الحل الأفضل والأسهل تلافياً لأي علاقات صادمة لا تعترف بالإنسان.

في بلاد الاغتراب، المكان الذي نعيش فيه اليوم كل مشغول بنفسه عن الآخر. العلاقات هنا محدودة، وتختلف عن تلك التي سبق أن تلمسناها في البلاد التي ولدنا وعشنا فيها أيام الصبا والشباب.

علاقات كانت تشتمل على صداقات فيها من الاحترام والصدق ما يكفي، وفي بعضها، بالتأكيد، تظل خالية من الصدق، وبقيت قائمة لجهة تحقيق غاية وهدف.

 المصالح ظلت في أغلبها ملحقة بعلاقات هامشية. إنّه الحب الحقيقي هو ما يربط الأصدقاء مع بعضهم البعض، وإن كانت تقتصر على أشخاص بعينهم، إلّا أنّهم كانوا يحملون بوادر الود، وهذا ما لمسته من البعض.

ويظل السؤال: هل هناك من صديق، وفي يمكن الاعتماد عليه. تثق به ويخلص لك، ويبادلك الأحاسيس والمشاعر، ويصدق معك؟ 

أحلام مشروعة

هل تظل الأحلام مجرد عناوين مشروعة، وهل يحق لنا أن نتجاوزها على الرغم من أنها تحتجز وراءها الكثير من الصور الحسنة القريبة إلى العين والقلب معاً؟.

هي هكذا جُبلنا عليها ونحاول أن نكون قريبين إليها أكثر، ومع مرور الوقت نعود لنسجل بعض ما كنا نرسمه في مخيلتنا اتجاهها.

إنّ تحقيق الأحلام بعمقها وبصورها الواردة، كما هي في الواقع، هذا ما يعني تجاوز كل ما له حدود. لما لا..

مشكلة تزوير الكتب!

ما تنتجه دولة أوربية واحدة مثال إسبانيا لوحدها سنوياً بلغ حوالي 20 ألف كتاب ومجلة، بينما لم يتجاوز إنتاج العالم العربي خمسة آلاف كتاب. فالقارئ في الغرب يخصص 200 ساعة من وقته كل عام للقراءة، بينما القارئ العربي لا يتجاوز 6 دقائق سنوياً، وكل هذا العبء يتحمله القارئ وحده، الممول الوحيد الذي يعتمد عليه في سداد فاتورة حصيلة التكلفة المالية التي يتعرض لها الكاتب.

في الغرب لا يعتمد الكتاب على القرّاء الأفراد، بل تدعمه أكثر من مؤسسة، وحركة الكتاب بطبيعتها بطيئة لا تأتي بمردودها، إلا في وقت طويل، وهذا ما ينعكس على كفاءة دور النشر وقدرتها على إنتاج المزيد من العناوين. وإن نشر الكتب وتوزيعها ليسا بالكيفية المرجوة منها في الوطن العربي الذي يزيد تعداده على 650 مليون نسمة، فضلاً ما يصاحب الكتب اليوم ونشرها بطبعات مزورة، دون العودة للكاتب ودور النشر، وهذا ما يعني أن سعر الكتاب يباع أدنى من سعر التكلفة، بينما يظل الكتاب الأصلي الذي يتحمّل نفقته الناشر والكاتب على الرفوف بانتظار الافراج عنه سنوات.

إنّ مشكلة تزوير الكتب صارت تضرب بقوانين الملكية الفكرية عرض الحائط، مثال: الكتب، الأفلام، الأغاني تراها بعد فترة منشورة بالمجان على مواقع التواصل الإنترنت، وهذا ما يعني أنّ المؤسسة التي أنتجت هذا العمل بات يهددها بالإفلاس.

المطلوب هو احترام قانون الملكية الفكرية.. مطلب يلحّ ينتظر تطبيقه الكتاب ودور النشر في عالمنا العربي.

هل الحاضر متعب وأليم؟!

من الشائع المألوف أن يترحّم الناس على (أيام زمان)، وأن يذكروا الماضي بالخير العميم، ويشيروا إلى ما كان فيه من رخاء اقتصادي أو تماسك اجتماعي ومجالات للسرور والمرح، وما كان يسوده من خلق قويم وتقاليد طيبة وعادات حميدة، وأن يقارنوه بما يسود الحاضر من أزمات اقتصادية وتفسخ اجتماعي ومضايقات لا تترك للإنسان مجالاً للانشراح، وما فيه من تحلل أخلاقي وفساد في التقاليد والعادات ينذر بالويل والثبور.

والعجيب في الأمر أنّ كل جيل يتلوه جيل يردّد ما كان يردّده الجيل السابق حتى ليخيل للمتأمل أن الإنسانية في تدهور، وأن الاقتصاد في تقهقر، وأن الأخلاق تتردى، وأن الحياة تصبح يوماً بعد يوم شيئاً لا يُطاق وعبئاً ثقيلاً.

 والأعجب من هذا وذاك أن المراقب حين يتلفت حوله، وينظر بعين مجردة وعقل متفتّح وقلب نابض يجد أن الأمر على النقيض، وأن الإنسانية تتقدم، وأن الأحوال تتحسن، وأنه بالرغم مما في الحياة العصرية من مصاعب ومضايقات، فإن الإنسان العادي اليوم يتمتع بما لم يكن يتمتع به الملوك والعظماء في الماضي، وأن الأخلاق في ألف خير، إذا ما قورنت بما كانت عليه من قبل، وأن الأحوال الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وسواها تتقدم حثيثاً نحو ما هو أفضل وأحسن.

نحن اليوم، وعلى الرغم من كل مظاهر القصور التي تسود مجتمعنا، ومن كل تطلعنا إلى غدٍ أفضل وواقع أحسن ومجتمع أمثل واقتصاد أمتن، وخلق أسلم، أقول نحن اليوم خير منا بالأمس، فما هو السر في ترحمنا على ماضينا، وشكايتنا من حاضرنا، وتحسرنا على ما فات، وتذمرنا مما نحن فيه، لا سيما وأن النزعة إلى ذلك كله عامة شائعة الآن، وكانت كذلك دوما في مجتمعنا، وفي المجتمعات التي تفوقنا تنظيماً، وتمتاز علينا في واقعها، أو في المجتمعات التي هي دوننا؟

فالذاكرة ـ بلا شك ـ تنتقي. إنها تحتفظ من ماضيها بما يسرّ ويحلو، وتنسى ما كان مؤلماً وقاسياً. فالإنسان إذن يقارن بين ذكريات الماضي الحلوة الطيبة، وبين الواقع الحاضر الذي يرى فيه المصاعب والمتاعب، ويتناسى ما فيه من خير وجمال ومتعة. وهذا ما يخرجه من المقارنة مترحماً على (أيام زمان) شاكياً من الحاضر المتعب الأليم!.

هل المال يصنع الفوضى؟

يُقال إنَّ الفوضى تجلب المال، وبالمال وحده يصنعون الفوضى!. في الغرب يُحاولون خلق الفوضى بالمال، وبالمال وحده يصنعون الفوضى.

 لا شك أنّ هذا المفهوم يدخلنا في دوّامة لها أوّل وليس لها آخر، والمستفيد الأكبر منها بالتأكيد الغرب الذي يعيش أبناؤه في شبع واكتفاء ذاتي وأكثر من ذلك ولا يمكن لأحد أن يقول غير ذلك. أقصد أنّ الأوروبيين والأمريكيين الذين ينادون بالانضباط، والالتزام بالمبادئ العامة، هم من يعبث بالفوضى ويحاول جاهداً التوسع في مفاهيمها، لأنهم المُستفيدون منها. وهذه المبادئ، نحن العرب، أكثر الناس حرصاً واهتماماً وتشبثاً بها. فلماذا الغرب يُحاول العمل على خلق الفوضى بالنسبة لنا وزجنا بها، نحن العرب، حيث ما زال قسم كبير منهم يعيش في متاهة الفوضى التي يتقصّد الغرب اختلاقها وتعميمها، والعمل على ترسيخها ليُحقق الفائدة المرجوة منها. الفائدة بجمع المال وتخريب الأمم الاخرى.

 بالمال وحده يمكن خلق الفوضى، والفوضى حينما تعمّ هذا يؤكد غياب الأمان والاستقرار، ما يدفعنا إلى التخلص من كل شيء، والانصياع للمجهول.. والمجهول ما يعني الفوضى وتكريسها، وهذا ما يريد أن يزرعه الغرب فينا، والدفع بأبنائنا نحوها، وغرسها في بلداننا ليرمي بها نحو الهاوية لجهة افقارها وإذلالها، وخلق شرخ عميق جداً من الصعوبة بمكان العمل على اندماله والبُرء منه!.

وإذا ما ذهبنا وبحثنا عن المعنى الأول فهو مسعى قائم وصحيح يحاول الغرب الأوروبي برمته فرضه وتعميمه على العرب وغير ذلك من الدول النامية، سعياً لإبقائها تعيش في جوع وفقر وحاجة، ناهيك بالفوضى الخلاقة، بعيداً عن نهضتها القائمة والمستمرة، والتقدّم والتطور، والنظر نحو المستقبل بالنسبة لها لتكون الأفضل نتيجة اهتمامها بالصناعات الثقيلة والدقيقة التي تحاول الهيمنة عليها والانفراد بها وتصديرها إلى الدول الفقيرة المنهكة وبأسعار باهظة.

هذا ما تسعى له الدول العُظمى المُسيطرة على الصناعة والتجارة، فضلاً عن صناعة الأسلحة، والتي يدفع بها نحو العرب وغيرهم إلى شرائها وبالسعر الذي يحددونه.

 ولتطوير الصناعة، بالنسبة لهم، هذا يتطلب العمل على خلق الفوضى ليتمكنوا من كسب المال!.

تظل أحلامنا، نحن العرب، تقتصر على ركوب السيارة، والاقامة في سكن مناسب، وارتداء الألبسة الفاخرة من أفضل الماركات العالمية، فضلاً عن الاهتمام بشراء العطورات الفرنسية والماكياجات التي جذبت بدورها نساء العالم، وبصورة خاصة في السنوات الأخيرة، ومن هنا صار العالم الغربي يبحث عن الفوضى لتدمير العالم الثالث واستغلاله وافقاره، وبيع منتجاته على حساب تلك الشعوب الفقيرة التي تعيش في المجهول.

المال هو أساس الهيمنة والنجاح لجهة أي مشروع يُتاح للآخرين زيادة رأس ماله، وهو سرّ إسعاد الناس أيّاً كان موقعهم من الخريطة في العالم.

في حضرة الصحافة

رحم الله شاعرنا المبدع نزار قباني، والروائي المخضرم نجيب محفوظ الحائز على جائزة نوبل للأدب، ورائد القصة القصيرة عبد السلام العجيلي، والناقد المصري الكبير رجاء النقاش، والصحافي اللبناني نبيل خوري.. والصحافي العراقي، رائد الكتابة الساخرة خالد القشطيني.

وتحية صادقة إلى صحيفتي “السفير” و” الحياة” اللتين احتجبتا عن النشر إلى غير رجعة.. مع أمل بعودة الحياة إلى الصدور من جديد، وإلى صحيفة “النهار” المتجددة في ما تتضمن من صور رائعة ومواد غنية، وطرح بناء بنخبها الصحفية المتفردة، وعلى رأسها رئيسة التحرير نايلة تويني، وفريق عمل كبير. وأكثر ما لفتني القفزة المتميزة في “النهار العربي” والنشاط غير المسبوق لمحرري الصفحتين الرياضيتين.

وإلى مجلة “الصقر” الرياضية التي توقفت مطابعها عن الدوران لأسباب قاهرة، رغم إثرائها قارئ العربية بالمعلومة والصورة، وزادته حباً وعشقاً برياضته.

وإلى مجلة ” الدوحة” التي احتجبت بدون مبرر، بالرغم من غناها، وفي ما تتضمنه من مواد إبداعية وجهد كبير.

وتحية مفعمة بالحب للصحافي غسان شربل على مقالاته المتفرّدة في صحيفة الشرق الأوسط، التي تنشر مع صباح كل يوم اثنين.. وما تتضمنه صحيفته التي يرأس تحريرها على مدار سنوات من أخبار وتحقيقات ودراسات وأخبار غنية، ومن جهد مضن كبير، وبطاقة شكر للكاتب الشاعر طالب عبد العزيز، وما يمتعنا به من مقالات أسبوعية في صحيفة المدى العراقية النابضة بالحياة، وإلى الفنان التشكيلي الراقي ستار كاووش الذي يتحفنا، هو الآخر بمقالات نقدية في المدى.

وكل الحب للصحافي القدير عبد الباري عطوان، على الرغم من اختلافنا معه في الرأي، على مقالاته المتميزة، ونظرته العميقة لما يجري على الساحة العالمية اليوم من أحداث، وعلى الفيديوهات التي يسجلها وينشرها في موقع صحيفة “رأي اليوم” الإلكترونية.

وفي هذه الإضاءة لا ننسى أن نشيد بالصحافي المخضرم سمير عطا الله، ونبضه وعطائه الذي لا يتوقف.

وتحية للزملاء والأصدقاء نشامى القلم ورّواده.. والمحبون للإبداع في عالمنا العربي الكبير الذي ما زال يحتفظ ببعض النماذج الحية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى