التغريبة

ابتسام الصمادي
العازمون على البقاء المرّ لو فَنِيَ الوجود
المؤمنون بآخر الأشجار لو صرنا وقود
الواقفون بطعنة التاريخ والأرضُ … تدور
وأمامَنا كلُّ الضباع، وخلفَنا كلُّ البحور
ومحاصرون بلعنة الأوغاد في شطر البلاد
الرافعون صلاتنا بُعداً،
وأقربُ من مآذنهم إلى رب العباد
الشاربون دموع أيتام الكرام
من (ألحقوا الدنيا ببستان هشام)
الشاهقون،
الهابطون إلى حطام ديارنا
نستخرج الأطفال من تحت الركام
والموتُ أميٌّ بلا حسبٍ فلا يعنيه حرف
أو يقرأ الدمعَ الذي غصَّ وجف
سوى أننا لغةُ يعفُّ مجازها
وقت المجازر للقصائد أن تعف
هاتوا كلام الأنبياء لكي يصف
أخبارنا؟!
لا حقدَ يسألنا متى ذبنا وغطّتنا الظِلال
أو نومَ يعرفنا إذا أحنى على الجفن ومال
لا ماءَ يذكر كم من الملح ابتلعنا في البحار
أو بحرَ يعلم كيف نحمل في حقائبنا الديار
أو كيف صرنا خطوة في لعبة الشطرنج ينقلها الكبار؟
مع أننا صاحون جداً في الورى
لتفاهة الكون وطعنه
يا ليت يعلم كم رفَوْنا من ندوب ٍقُطّبتْ بالجرح عينه
ما زال يسأل والدماء نسايب وقرابةْ
من غزة القسام تأتيه الإجابةْ
من ذا الذي ينجو ولا يتأبط الدبابةْ؟!
أخبارنا؟!
لا تسألوا
كالماء نرشح خلف جدران التداعي والرماد
ونزّق طير صباحنا
بالأبيض الباقي على راحاتنا، رغم السواد
كيما نمهدَ للصغار دروبَهم فوق البلاد
كي نزرعَ النعناعَ ضمن دفاتر التعبير ما بين السطور
ونزيلَ غيم الهجر من أفق الطيور
لنُعرّضَ الرؤيا، ونبني ملجأً للجرح، نعطي للعواصم لونها الأصليَّ، واللونُ حياة
ونُحلّي ماء البحر عوناً للسُقاة
ونُكدّرُ الأحلام في صفو الطغاة
والأرضُ… ندفعها إلى سرّ البقاء
ونحضّها طوعاً على صنع الخصوبة والنماء
إذ نحرس الإشراقَ، نوقظ شمسنا
حتى تمرَّ بكوَة التعذيب إن نسيت بيومٍ
أو تعدّاها الأنين
لا تقطفوا نانرجها من مقلتي
فيها مرارةُ دمعِ كل الثائرين
أنا من أولاء المضرمين ضلوعهم
فلتدخلوها آمنين
لا تلفتوا لحريقها
هذي مراكب طارقٍ للعائدين
أنا من أولاء الصامدين
القابضين على عُرى جمر القرى
في شعلة الحرية
هاتوا اذكروا لي ثورة
بقيت لآخر دمعة
أو كسرة أو نبضة
لمّا تكالب ضدها التجار والأقدار
والبشريّة
أنا من أولاء الواقفين مآذناً أموية
عربيةٌ،
نشمية… وبدمغةٍ سوريةْ
فإذا هبطّتَ وما نهضت أبيّا
فمن المؤكد لم تكُ سوريّا