اخبار رياضيةعالمية

أسماك القرش العنيدة التي لا تنحني

ما هي حكاية أرخبيل الرأس الأخضر

محمد رضوان

لم يكن الظهور الرائع لمنتخب الرأس الأخضر وليد البطولة التي أقيمت  في كوت ديفوار، وإنما سبقه وجوه حسنة أظهرها أبناء الأرخبيل الصغير في جميع النسخ التي شاركوا فيها لكأس الأمم الأفريقية، فيكفي أن نعرف أن منتخب الرأس الأخضر لم يخسر سوى مرة واحدة من أصل 12 مباراة لعبها ضمن دور المجموعات خلال مشاركاته الأربعة السابقة، وجاءت الخسارة لحساب منتخب بوركينا فاسو في النسخة السابقة من البطولة، هذه الخسارة التي جعلت مباراة كيب فيرد والكاميرون في آخر مباريات المجموعة مباراة حياة أو موت بالنسبة للمنتخب الصغير، وبالفعل استطاع أبناء الرأس الأخضر التعادل والمرور للدور الثاني من كأس الأمم السابقة.

تاريخ مشرف مع كأس الأمم

كما أن أول ظهور لأسماك القرش الزرقاء في كأس الأمم الأفريقية 2013 كان أيضاً براقاً، حينما أحرجوا أولاد جنوب أفريقيا أصحاب الأرض وتعادلوا معهم سلبياً في مباراة الافتتاح، ثم تقدموا على منتخب المغرب حتى الدقيقة 78، قبل أن يحفظ يوسف العربي ماء وجه المغاربة، وفي النسخة التالية أيضاً في 2015 حقق المنتخب الصغير تعادلاً رائعاً مع نسور قرطاج، وفي الظهور الثالث له في نسخة 2021 تعادل أيضاً مع الكاميرون صاحبة الأرض، وها هو اليوم يفعلها مع مصر صاحبة الرقم القياسي في الفوز بالبطولة بعد أن أجهزت أسماك القرش على منتخبي غانا وموزمبيق.

لذلك لم يكن مستغرباً هذا الأداء الفائق الذي ظهر به منتخب كيب فيرد في النسخة الحالية من كأس الأمم، خاصةً وأن الفريق يحافظ على قوامه الأساسي منذ البطولة السابقة مع بعض التعديلات الطفيفة، وبنفس المدير الفني بوبيستا، كما أن الفريق يحوي العديد من اللاعبين أصحاب الخبرات الكبيرة، بدءً بالحارس فوزينيا الذي تخطت مبارياته الدولية الرقم 70، ومروراً بالمدافع ستوبيرا صاحب الـ35 عام، ثم انتهاءً بالمهاجم ريان مينديز الذي لعب لنوتنغهام فورست الإنجليزي من قبل.

مخضرمون وشباب

وبالنظر كذلك إلى متوسط أعمار الفريق الذي بلغ 28 سنة، ويُعد ثاني أكبر المتوسطات ارتفاعاً بعد منتخب مصر، فإن النجاعة التي ظهر عليها منتخب كيب فيرد لم تكن على غير العادة، وإنما هي طبيعية جداً، بالإضافة إلى أن الفريق يضم مجموعة رائعة من اللاعبين صغار السن مثل المميز جيلسون تافاريز بنشيمول مهاجم بنفيكا البرتغالي، وبريان تيكسيرا مهاجم مجدبورج الألماني، وكعادة أغلب منتخبات أفريقيا فإن منتخب كيب فيرد بالكامل يلعب محترفاً بالخارج ما عدا كابتن الفريق ستوبيرا والذي يحمل لقبه هذا نسبةً إلى مهاجم فرنسا الرائع في كأس العالم 1986 يانيك ستوبيرا. 

ومن العوامل أيضاً التي وجب الالتفات إليها هي أن هناك مجموعة ليست بالقليلة من لاعبي منتخب الرأس الأخضر مثلوا منتخبات أوروبا في الأعمار السنية الصغيرة، حتى إن بعضهم يحمل جنسية هذه البلدان، مثل المدافع ذو البشرة البيضاء الوحيد في الفريق روبيرتو لوبيز (بيكو) والذي مثل جمهورية أيرلندا في الصغر، وتياجو مانويل دياز (بيبي) والذي لعب من قبل لمنتخب البرتغال تحت 21 سنة، كما أن بعضهم لعب لمنتخبات فرنسا في الفئات العمرية الصغيرة مثل لوجان كوستا، ستيفن مورييرا، وأيضاً شارك لاعب الوسط لاروس دوارتي مع جميع الفئات العمرية الصغيرة لمنتخب هولندا.

استقرار فني

والعامل الأخير الذي جعل ظهور منتخب كيب فيرد براقاً هو حالة الاستقرار الفني التي يعيشها، حيث يتولى المدير الفني بوبيستا القيادة الفنية للمنتخب منذ يناير 2021 خلفًا للبرتغالي روي أجواش، ويحاول الآن بوبيستا استغلال المكتسبات التي خرج بها اللاعبين من كأس الأمم الأفريقية وهذه الصورة الرائعة التي قدموها للمُضي قُدماً في تصفيات كأس العالم ضمن المجموعة الرابعة من التصفيات، بعد أن لعب مباراتين، تعادل في الأولى سلبياً على ملعبه مع أنجولا، ثم فاز خارجاً على إسواتيني بهدفين نظيفين.

بالطبع كل هذه العوامل جعلت منتخب كيب فيرد يظهر بهذا الشكل المميز، ولو أن بعض التوفيق قد حالفه لاستمر أبعد من دور الثمانية، لكن الحقيقة أن أسماك القرش الصغيرة خلبت الأبصار وبهرت العقول في هذه النسخة من كأس الأمم الأفريقية، وفرضت على الجميع احتراماً بالغاً غير مسبوق. 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى