حسام حسن .. جيفارا الملاعب .. هكذا عرفته

محمد رضوان
من حيث التصنيف هو أسطورة، ومن حيث الترتيب هو في المقدمة، ومن حيث الإثارة والصخب هو في صدارة المشهد، خطف كل العقول والأبصار ولم يستحوذ علي كل القلوب، وأقرت كل شعوب القارة السمراء بتفرده وانفراده، بينما لا زال بني جلدته يختلفون حول جدارته واستحقاقه.
حسام حسن “اللاعب” خضع بصعوبة لقوانين الطبيعة وخاصة قانون النشوء والارتقاء، لكن حسام حسن “المدرب” فقد فرض اسمه بين أصحاب الياقات الأنيقة والعطور الغالية في غضون سنوات قليلة.
إنه عجينة من نوع خاص، رأيته حيناً قبطاناً لسفينة الإصرار والتحدي، إذا ما رطمته الأمواج يرفض الركون إلي شاطئ النهاية، وعرفته أحايين أخرى مثابراً مغواراً، كلما شعر بالاقتراب من خط النهاية يزداد بريقاً ولمعاناً، وكلما أحس بضيق التنفس تشبث بأحبال النجاة الذائب منها أو العتيد.
حسام حسن اللاعب، إذا ما سجل رأيته يحتفل كأنها بصمته الأولي في الملاعب، وإذا ما غادر الملعب أخذه البكاء كأصغر طفل يفقد لعبته المحبوبة، ما زال اسمه يحجز جزءاً من مخيلة الأسطورة الهولندية (كومان) والحارس الأيرلندي (بونار).
هو سيف الكرة وحسام الهدافين، ثورة الأداء أفقدته برودة الأعصاب، فصار مضطرب من غير عواصف، هائج بلا مؤثرات، إلى أن لفظته الجزيرة الحمراء فكان نداء ميت عقبة الأبيض طوق نجاة، ولمّا لم تطربه أغنية صباح (بين الأهلي والزمالك)، ارتدى القميص الأخضر البورسعيدي، فاستمد البسالة من المدينة الساحلية، وفي سن الأربعين حقق لقباً أفريقياً جديداً لمصلحة بلاده، قبل أن يختار شاكوشاً مع شواكيش الترسانة الزرقاء.
ثم استهوته عروس بيضاء علي ساحل المتوسط فاحتضن لشهور أبنها المدلل الاتحاد، ولأنه يكره دور الرجل الخفي، بحث عن العناوين وقلب في المانشيتات ثم قرر قبول عرض الحاج متولي لإدارة فريقه الأخضر، وحتي لا يقولوا (ذهب مع الريح) قرر حقن لاعبي المصري من نفس الأكسير الذي يتعاطاه، إكسير التمرد بلا تاريخ صلاحية.
وفي أول عرض قلب المسرح علي الجميع، وقف أمام قايتباي شاهراً سيفه في وجه سيد البلد الذي ما لبث أن رفع الراية البيضاء، واستكمالا لفرد العضلات حطم أسنان الأب الأحمر الكبير وارتدى هو ثوب العائل الوحيد، وعندما وقفت في وجهه الطبيعة سقط في القاهرة علي يد العناتيل، لم يقبل ومارس عادة التمرد، صرخ وبكى واحتج واستخدم جميع مفردات العقوق.
واليوم، تصحو المحروسة على سيرة حسام، ولا تعرف النوم قبل أن تقرأ روايته، التي تحمل اسم “الأخوة الأعداء”، ولكن بشكل مغاير لرائعة دوستويفسكي، فهو لجماهير الكرة الليل والنهار، والنور والظلام، والمطرقة والسندان، شئنا أم أبينا.
هذا هو حسام حسن، أحببناه أم كرهناه يجب أن نتقبله، يحمل في قلبه طفل صغير يرقص إن أخذ، يبكي إن حُرِم، هو الآن يكتب على الهواء مباشرة، بغير أحبار سرية، حائر بين قضاياه القديمة والجارية.
حسام حسن، لو يعرف وزن اسمه لاستحال عليه فعل الخطأ، ولجرّم نفسه قبل أن يُجرّمه القانون، مهما حاولنا سيظل حسام هو حسام، متمرد لاعباً ومدرباً، إنه أسطورة لا يجب أن تمحوها ذاكرة الأيام ولن تقوى على نسيانها الأجيال.
حسام حسن في كلمة واحدة هو (جيفارا الملاعب).
أديب الرياضة