سعد الرميحي
هذه الصورة تعود إلى ما يقرب من 40 عاماً، حيث تم التقاطها في مارس 1981 في ملعب الملز بمدينة الرياض، بالمملكة العربية السعودية. الصورة تجمعني بشقيقي الأصغر عبدالعزيز، ونحن نقف في الملعب خلال لحظة عزف السلام الوطني لإحدى مباريات تصفيات كأس العالم 1982.
شارك منتخبنا القطري آنذاك في هذه التصفيات، وقدم أداءً مشرفاً ومباريات جميلة أظهرت قدراته. ورغم نقص الخبرة، كان الفريق قريباً من تجاوز مجموعته. كانت تلك التصفيات بمثابة البداية لانطلاقة منتخبنا العنابي نحو التألق في السنوات التالية.
بعد ستة أشهر فقط من تلك اللحظة، كان منتخب قطر للشباب قريباً جداً من تحقيق إنجاز تاريخي بالفوز بكأس العالم للشباب في أستراليا خلال شهر أكتوبر من عام 1981.
في الصورة، يظهر خلفنا المعلق السعودي الشهير سليمان العيسى، والمعلق العربي موسى بشوتي، رحمهما الله.
نتائج العنابي في التصفيات، لعب العنابي أربع مباريات: خسر أمام العراق 1-0. فاز على البحرين 3-0. فاز على سورية 2-1. خسر أمام السعودية 1-0.
الرميحي مع شقيقه عبد العزيز في مدينة الملز في الرياض عام 1981
وفقاً للوائح البطولة، كان الفريق الذي يحتل المركز الأول في المجموعة يتأهل إلى الدور النهائي، وهو ما حققه المنتخب السعودي آنذاك. يُذكر أن منتخبي الكويت ونيوزيلندا تأهلا آسيويًا إلى كأس العالم في إسبانيا عام 1982.
عبدالعزيز وحب رياضة الصقور
بعد ذلك، هجر عبدالعزيز كرة القدم وتوجه إلى رياضة الصيد بالصقور، التي أحبّها منذ صغره، مثل الكثير من الشباب القطري والخليجي الشغوفين بهذه الرياضة التراثية.
أما ابنه “محمد”، فهو من كبار عشاق فريق ريال مدريد، ويرتبط بعلاقات وثيقة مع رئيس وإدارة هذا النادي العريق. لكن رغم ذلك، يبقى حبنا الأكبر مشتركاً، وهو عشقنا لنادينا الغالي “الغرافة”.
***
تم التقاط هذه الصورة في عام 1984 بمكتبي في مجلة “الصقر” الرياضية، وتجمعني بأخي العزيز سعادة الشيخ الدكتور والمؤرخ حسن بن محمد بن علي بن عبدالله بن جاسم آل ثاني، الذي تشرفت بزيارته للمجلة ولقائه مع أسرة تحريرها.
كان بو محمد وقتها طالباً في جامعة قطر، وقد عُرف عنه شغفه العميق وحبه للتاريخ، إلى جانب تمتعه بثقافة واسعة واطلاع مميز في هذا المجال. مع مرور الأيام وكثرة زياراتي إلى مجلسه العامر، ولقاءاتي برواد هذا المجلس، تعرفت أكثر على أفكاره وطموحاته. كان لديه حلم كبير يتمثل في تأسيس متحف للسلاح، يجمع فيه كل أنواع الأسلحة القديمة التي استخدمها أجداده وآباؤه، بالإضافة إلى أسلحة المواطنين والمقيمين، بهدف الحفاظ عليها وتعريف الأجيال الجديدة بها.
في البداية، كنت أشك في إمكانية تحقيق هذا الحلم، نظراً لصعوبة توفير متطلباته. لكن الأيام مرت سريعاً، وفي ديسمبر 1993، تلقيت اتصالاً من بو محمد يدعوني إلى زيارة مجلسه. كنت وقتها مديراً لـتلفزيون قطر ورئيساً لتحرير جريدة الراية اليومية.
الرميحي رئيس تحرير مجلة الصقر الرياضية إلى جانب ضيفه الشيخ الدكتور والمؤرخ حسن بن محمد بن علي بن عبدالله بن جاسم آل ثاني
عندما وصلت، اصطحبني وبعض مرافقيه إلى المتحف الجديد الذي أنشأه، وهو عبارة عن ثلاث فلل في منطقة اللقطة بضواحي الدوحة. شعرت بالدهشة عندما دخلت المكان، إذ اكتشفت أنه المقر الخاص لمتحف السلاح، الذي كان حلم الشيخ حسن يوماً ما.
أذهلتني المقتنيات الرائعة التي احتواها المتحف، كما أذهلتني أكثر قدرة الشيخ حسن على تحويل حلمه إلى حقيقة رغم التكلفة الباهظة. أصبح هذا المتحف وجهة للعديد من الشخصيات البارزة التي زارت قطر، ومنهم خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز رحمه الله.
لم يتوقف الشيخ الدكتور حسن عند هذا الإنجاز. بل أسس أيضاً متحف المستشرقين، الذي ضم أروع لوحات الفنانين العالميين، وتبعه بإنشاء مكتبة رائعة جمعت أمهات الكتب النفيسة. فيما بعد، اشترت الدولة كل هذه المتاحف، وكانت مكتبته نواة مكتبة قطر الوطنية الجديدة.
إلى جانب إنجازاته، سعى الشيخ حسن لتعزيز علمه ومعرفته، فسافر ودرس، وحصل على شهادة الدكتوراه في التاريخ. وهو شخصية آسرة بفضل ثقافته العالية، وسلاسة تعبيره، وتدفق معلوماته.
عاتبته كثيراً على غيابه عن ساحات الندوات والمحاضرات، لأن مثله مكسب كبير لأي منصة معرفية، حيث يستطيع إفادة كل من ينشد العلم والمعرفة.
الصورة المرفقة تم التقاطها في مكتبي عندما كنت رئيس تحرير مجلة الصقر. طلبت منه أن يجلس على كرسي رئيس التحرير، ووقفت بجانبه، فكانت هذه الصورة الجميلة التي أعتز بها كثيراً.
***
أخذت لي هذه الصورة في أكتوبر عام ٢٠١٢م، وأنا اقف بين مجموعة من الموسيقيين الشعبيين، والذين تزدهر بهم “ساحة الفنا” في مدينة مراكش المغربية.
وتعتبر “ساحة الفنا” من المقاصد السياحية الرائعة في تلك المدينة الساحرة، بل اعتبرتها اليونسكو من ضمن التراث الثقافي والذي يجدر المحافظة عليه ،،،
يروى بأن هذه الساحة تأسست بين عامي ١٠٧٠ / ١٠٧١م، في عهد المرابطين، والذين يعود لهم الفضل في بناء مدينة مراكش الساحرة، والتي تعد من أجمل مدن العالم، وزارها العديد من مشاهير العالم، وهي مقصد سياحي خاصة في الشتاء، لاعتدال جوها، وهي من المدن النادرة في العالم، والتي تستقطب هذا العشق، رغم ابتعادها عن سواحل البحر ،،
وتتميز هذه الساحة بوجود مختلف الفنون الجميلة من رقص الحيوانات، لفك السحر، إلى قراءة الكف، ومعرفة البخت، والعروض البهلوانية وواشمات الحناء، والحكايات الشعبية، بالإضافة لتنوع البضاعة المعروضة للبيع والمشروبات الطبيعية الجميلة، وتحيط بها المقاهي الشعبية، وتكتسب طابع خاص في ليالي رمضان المبارك.
يعود تاريخ هذه الصورة الى عام 2012 في ساحة “الفنا” في مدينة مراكش المغربية
وتشير بعض المصادر التاريخية، بأن “ساحة الفنا” ارتبطت بوجود جامع الفنا الكبير والذي يقع بالقرب من الساحة ، فقد كانت المكان المفضل لقادة دولة المرابطين من اجل أن تكون هذه الساحة هي نقطة الانطلاق لبناء دولتهم العظيمة بقيادة البطل المغربي العربي المسلم “يوسف تاشفين” ،،
زرت الساحة مرات عديدة وقضيت فيها ساعات جميلة ولحظات ممتعة، وأعجبني كثيراً جوها التراثي والثقافي والفني، خاصة وأنه تحيط بها بعض اكشاك بيع الكتب والمجلات، وهي متعتي الحقيقية، ولكن كما يقول المثل الشعبي” الحلو ما يكمل ” فقد تعرضت الساحة لعمل إجرامي يوم ٢٨ أبريل ٢٠١١م، عندما تم تفجير مقهى “أركانة” وقتل في الانفجار ١٧ شخص وأصيب ٢٥ آخرين، ولكن لأن الحياة لا بد أن تعود فقد عادت الحياة إلى “ساحة الفنا” أو “ساحة الهنا” كما يروي بعض المغاربة بأن هذا هو أصل تسميتها الحقيقي، لكونها تقع بالقرب من مسجد الهنا والذي بناه السلطان أحمد منصور، والذي لجأت له الناس بعد ضرب الطاعون المدينة .
أن تاريخ المملكة المغربية زاخر بالتراث والفنون والثقافة والآداب وكذلك الرياضة، وكم من العظماء والذين قدمتهم المغرب لأمتها العربية والإسلامية ما يجدر الحديث عنه ،،،