شعر

سعود بن عبدالله آل سعود.. صوت القصيدة

عبدالكريم العفيدلي

الحديث مع الأمير الشاعر سعود بن عبدالله آل سعود له نكهة خاصة متفردة، فهو الشاعر الذي أثرى الساحة الأدبية والغنائية بعشرات القصائد التي علقت في الأذهان وترددت على الشفاه. يمتلك هذا الأمير كاريزما خاصة به، لا تشبه إلا ذاته، بما يتصف به من هدوء، وحسّ مرهف، وفكر متقد. مجرد أن تجلس أمامه، تشعر أنك أمام شاعر لا يشبه غيره.

الشاعر سعود بن عبد الله آل سعود

منذ فترة، زرته في منزله العامر بالرياض، حيث تبادلنا أطراف الحديث وخضنا في شعره ومسيرته الحافلة. توقفنا عند قصيدته التي يقول فيها:

له صورة بالبياض تزود ما تعبق

حتى وهو في القبر في هيبته فرقا

رمى عنان الفرس والسيف والبندق

وودع عروس الديار الشيخة الطرقى

اللي ربت بين كفينه وهو يفتق

صدر الدجى لين شاف شموسها شرقي

قال لي عن هذه القصيدة إنها من أغلى قصائده، وهي رثاء في الملك فهد -رحمه الله -.

الشاعر والصحافي الزميل عبد الكريم العفيدلي في ضيافة الشاعر سعود بن عبد الله آل سعود

وعن أكثر قصائده حضوراً في ذهنه، قال الأمير سعود: “أنا من عادتي لا أحفظ قصائدي، لكن هناك قصيدة قديمة دائمة الحضور على لساني، اسمها هديتك جرح، ومنها:

ليت الدلال اللي يمرك طواري

يمر بك مرة على القلب وتشوف

مشكور لا وقفت لين الصحاري

يزهر بها عشب على صدر ملهوف

يا صاحبي طال المسا وانتظاري

متى عقارب ساعتي تترك الخوف

هديتي لك نجمتين ومساري

وهديتك جرح ومسافات وظروف

وعن الشعر النبطي في جزيرة العرب، ودور المجددين في العصر الحديث وعلى رأسهم الأمير خالد الفيصل والأمير بدر بن عبدالمحسن، يقول الأمير سعود:

“الشعر موجود منذ آلاف السنين على امتداد الجغرافيا العربية، وهو هوية وانتماء ووثيقة حفظت جانبًا مهمًا من تاريخ العرب. إلا أن الشعر النبطي، كونه شعر لهجة، بقي محصوراً ضمن بيئته القبلية، فهو شعر أهل البادية، ولا شك أن له شعراء كباراً لا تزال قصائدهم حاضرة ومحفوظة. لكن في العصر الحديث، ومع انتشار وسائل الإعلام، وبعد فترة خمول للشعر النبطي، أحدث الأمير عبدالله الفيصل، والأمير خالد الفيصل، والأمير بدر بن عبدالمحسن، وغيرهم، ثورة في إعادة الألق لهذا الشعر الأصيل. تبعهم كثيرون ممن اعتنوا بالشعر وكتبوا بأسمائهم الصريحة، وسرت قصائدهم، كما أن الاسم المستعار لم يكن حكراً على الشاعرات، بل إن كثيراً من الشعراء كتبوا باسم مستعار. وأذكر أن أحد شيوخ القبائل قال لي: والدي كان يكتب الشعر ولا يذكر اسمه، كان يرى نفسه أكبر من أن يُقال عنه شاعر. لكن مع الثورة التي أحدثها الأمراء وفتح المجال واسعًا أمام الشعر والشعراء في الإعلام، ازدهر الشعر النبطي وانتشر، ومن وجهة نظري، الشعر النبطي فروسية، والشاعر فارس في ميدانه”.

“لا شك أنها أظهرت لنا مواهب كانت محجوبة خلف الكواليس، ومنعتها الشللية والمحسوبيات من الوصول إلينا، لكن لا يمكننا إنكار أنها أيضاً ساهمت في تشويه الذائقة من خلال ما قدمته من الغث دون رقيب أو حسيب”. وأضاف: “كانت المجلات لها متعة خاصة، نفتقدها اليوم لما كان لها من دور رقابي على القصيدة. لم يكن بالإمكان نشر قصيدة لا تستحق النشر، أما اليوم، فبكبسة زر، تستطيع تصدير ما تريده للجمهور”.

ومن الجدير بالذكر أن الأمير الشاعر سعود بن عبدالله هو صاحب أوبريت مولد أمة، الذي لا يزال السعوديون يتذكرونه بعد أكثر من ثلاثين عاماً. وقد تم تكريمه ضمن فعاليات موسم الرياض في العام الفائت بليلة خاصة، تغنى فيها كبار الفنانين العرب بقصائده.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى