عبود الشعيب..أسطورة كرة اليد السورية

نجم فراتي تألق فأبدع
*شعبية جارفة .. تسديدات قوية ويخشاه حراس المرمى!
*حقق مع ناديه الفرات بطولة كأس الجمهورية لثلاث مرات في أعوام 1983، 1985، 1987
*أصبحت كرة اليد أكثر جذباً للشباب الذين يسعون لإكمال مسيرته بفضل جهوده وإنجازاته والبناء على إرثه
عبد الكريم البليخ

استذكار نجوم الزمن الجميل، ما يعني استرجاع ما أمتعنا به لاعبوه المخضرمين من حضور لافت، وترك بصمة لا يمكن لنا أن ننساها مهما طواها الزمن، بل إنها ما زالت تثير فينا صور الماضي الجميل و”زوابعه” وتاريخه الحافل بالنتائج وحصد الكؤوس، وبصورة خاصة لعبة كرة اليد التي كانت تمثل لأهالي مدينة الرّقة الفرح بعينه؟.
الكل كان يتابع ويشجع ويساهم في العطاء، وبسخاء بلا حدود، لجهة استمرار اللعبة، لما لا والرّقة بطبيعتها، ولادة وحاضنة للنجوم وما أكثرهم، الذين عرفوا كيف يصوغون ـ وبأحرف من نور ـ نتائج تبهج القلب وتسجيل النجاحات تلو الأخرى بفضل نادييها الفرات والشباب، ونجومها الكبار، فضلاً عن الدور الكبير والإيجابي من إداريين ومدربين وحكام ومشرفين ساهموا في رفع كفاءة اللعبة، فكانت الإنجازات التي باركها أبناء الرقة، ومن بين تلك المواهب التي كان لها حضورها وتفردها، وما زال اسمه يثير في نفوس أبنائها الكثير من الإمتاع والإبداع اللاعب عبود الشعيب، أحد نجومها الكبار المميزين لعباً وأخلاقاً وكرماً وتواضعاً، الذي أعطى الكثير لمحبوبته في مشواره الطويل، وكان أنموذجاً حياً للاعب المتألق الذي نجح في إكمال مشواره، و مثالاً يحتذى في الميدان، ويخشاه حراس المرمى!.
موهبة استثنائية
فاللاعب عبود الشعيب لاعب احترافي، يجيد اللعب في كل المراكز، ويملك القوة واللياقة البدنية العالية، وهو صديق مود لكل من عرفه عن كثب، وهو إضافة إلى كونه لاعباً شاملاً، فهو يُعد من أبرز لاعبي مركز الساعد والجناح الأيمن، ويتقن إلى حد بعيد كل أنواع التسديد على المرمى. إنه صانع ألعاب ومرعب الحراس، وشعبيته جارفة، ويستحق، وعن جدارة لقب نجم اللعبة.

عبود شعيب نجم كرة اليد السورية
فالشعيب أحد أبرز لاعبي كرة اليد في سوريا، إذ استطاع بفضل مهاراته الفائقة وإصراره القوي أن يرسًخ اسمه بين كبار لاعبي اللعبة، ليس فقط على مستوى الوطن، بل أيضاً على الصعيدين الإقليمي والدولي. ترك الشعيب بصمة لا تُمحى في ذاكرة محبّي كرة اليد، وأصبح نموذجاً يحتذى به للجيل القادم من اللاعبين السوريين.
بدأ عبود الشعيب مشواره الرياضي في مرحلة مبكرة من عمره، حيث اكتشف شغفه بكرة اليد منذ طفولته. نشأ في بيئة تشجع على الرياضة، وتمكن من تطوير مهاراته بفضل الدعم الذي تلقاه من عائلته ومدربيه. من هنا، انطلق نحو مشوار احترافي حمل في طياته الكثير من التحديات والطموحات.
كانت بدايات الشعيب مع ناد الفرات في مدينته، حيث أظهر موهبة استثنائية في التحكم بالكرة والتمركز الصحيح داخل الملعب، بالإضافة إلى تسديداته القوية والدقيقة التي كانت دائماً ما تضع خصومه في مواقف صعبة، سرعان ما لفت أداؤه المتألق أنظار الأندية الكبرى في سوريا، وانتقل إلى اللعب في صفوفها، ليبدأ بذلك رحلته نحو النجومية.
وحصده للبطولات
لم يكن تألق عبود الشعيب محصوراً فقط في الأندية التي لعب لها، بل امتد ليشمل تمثيله للمنتخب السوري لكرة اليد في العديد من البطولات القارية والدولية. كان الشعيب ركيزة أساسية في صفوف المنتخب، حيث أدى دوراً محورياً في تحقيق العديد من الانتصارات والمشاركة المشرفة في البطولات والبطولات العربية.

عبود شعيب والراحل صلاح فرواتي من ابرز نجوم كرة اليد السورية
أول ما تعلق اللاعب عبود الشعيب بممارسة لعبة السلة في عام 1969 على يد الراحل عصام عبد القادر، وانتقل إلى ممارسة لعبة كرة اليد.
بسبب جماهيريتها وتعلق أهل الرقة بها، وكانت تلقى اهتماماً من قبل الجميع. تابع عشقه للعبة على يد الثالوث المعروفين في الرقة، مهدي أبو الهدى، والراحل عبد الواحد دعدوع، وهاني أبو الهدى الذي اهتم به، ونجح في تحسين مستواه، وعلى إثر ذلك حقق نادي الفرات بطولة كأس الجمهورية لثلاث مرات في أعوام 1983، 1985، 1987، وفي هذه الفترة كان الفرات من بين الأندية المعروفة في القطر التي تمارس اللعبة إلى جانب أندية النواعير، الطليعة “حماة”، الجيش، الشرطة “دمشق”، الشعلة، “درعا”، اليقظة “دير الزور”، فضلاً عن مشاركة الرقة في بطولات المحافظات التي تمارس اللعبة مثال حماة، دير الزور، درعا.

جمال حداد..الى جانب الراحلين صلاح فرواتي وزكريا الكبة رئيس نادي الفرات
لعب عبود الشعيب في أندية عديدة، كنادي الشرطة، الجيش بحكم خدمة العلم، كما انضم إلى لعب في صفوف نادي القدس الفلسطيني، وسبق لنادي الجماهير أن استعارة لفترة محددة في الفترة التي شارك فيها النادي في بطولة الأندية العربية للعبة. كما دعي في العام 1979 للعب ضمن صفوف المنتخب الوطني للرجال، وشارك في دورة ألعاب البحر الأبيض المتوسط العاشرة التي أقيمت في اللاذقية عام 1987، ومشاركته في دورة فلسطين.
كان يتميز الشعيب بالروح القيادية داخل الملعب، حيث كان مثالاً للتضحية والإصرار، يلهم زملاءه ويحفّزهم على تقديم أفضل ما لديهم. كانت قوته الجسدية ومهاراته الفنية عاملًا حاسماً في العديد من المباريات، ما جعله يتلقى الإشادة من الجماهير والمدربين على حد سواء.
مهارة فردية وبنية جسدية
يُعرف عبود الشعيب بمهاراته الفردية العالية، إضافة إلى تسديداته القوية من مسافات بعيدة. كما تميز برؤيته الثاقبة للملعب، والتي مكّنته من اتخاذ قرارات صحيحة في اللحظات الحاسمة، سواء كان ذلك في الهجوم أو الدفاع.

النجم عبود شعيب برفقة ايوب ابو الهدى من ألمع نجوم اللعبة، ومن ابرز مدربي كرة اليد بنادي الفرات
ما يميز الشعيب ليس فقط مهاراته الفردية، بل أيضاً وعيه بأهمية اللعب الجماعي. كان يعتبر أن الفوز يأتي من خلال التعاون والتكامل بين جميع أفراد الفريق، وهو ما جعله يتفوق في بناء الهجمات وتوزيع الكرات لزملائه في الفريق، مما أسهم في تعزيز الأداء العام للفريق الذي يلعب فيه.
رغم مسيرته الزاخرة بالإنجازات، إلا أن عبود الشعيب واجه العديد من التحديات. كحال الكثير من الرياضيين في سوريا، تعرض الشعيب لصعوبات تتعلق بالبنية التحتية للرياضة والأوضاع الاقتصادية والسياسية التي أثرت في تطور الرياضة في البلاد. ومع ذلك، لم يتراجع الشعيب عن شغفه، بل ظل مصمماً على تقديم أفضل ما لديه في كل مباراة يخوضها.
تمكن الشعيب من حصد العديد من الجوائز الفردية في مسيرته، كأفضل لاعب في بعض البطولات المحلية والإقليمية، إلى جانب مساهماته الفعالة في حصد الألقاب مع الفرق التي لعب لها. كما أنه ترك أثراً واضحاً في قلوب جماهير كرة اليد، التي تعتبره رمزاً للأمل والإصرار في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها الرياضة السورية.
من رموز كرة اليد
يمثل عبود الشعيب رمزاً من رموز كرة اليد السورية، وقدوةً للشباب الذين يحلمون بتحقيق النجاح في عالم الرياضة. فقد أظهر من خلال مسيرته أن العزيمة والإصرار قادران على تجاوز العقبات والوصول إلى أعلى مستويات الأداء. كما أن قصته تمثل درساً في كيفية مواجهة التحديات بصلابة واحترافية.

إن إرث الشعيب لا يقتصر فقط على الألقاب والبطولات، بل يمتد إلى الإلهام الذي منحه لجيل جديد من لاعبي كرة اليد في سوريا. فبفضل جهوده وإنجازاته، أصبحت كرة اليد أكثر جذباً للشباب الذين يسعون لإكمال مسيرته والبناء على إرثه.
بقي أن أشير إلى أن عبود الشعيب ليس مجرد لاعب كرة يد موهوب، بل هو أسطورة حيّة تعكس الروح القتالية والشغف الرياضي. بفضل تضحياته وإنجازاته، أصبح رمزاً للشغف والعزيمة، وكتب اسمه بحروف من ذهب في تاريخ الرياضة السورية. سيبقى الشعيب قدوة لكل من يؤمن بأن العمل الجاد والالتزام يمكن أن يفتح الأبواب نحو تحقيق الأحلام، حتى في أصعب الظروف.
في الفترة الأخيرة شارك اللاعب في إحياء قواعد اللعبة في نادي الفرات، وأشرف على إحيائها، وإعادة النشاط لها مجدداً بعد أن اتبع عدداً من الدورات التدريبية بإشراف مدربين كبار أقامها الاتحاد السورية للعبة.
بقي أن أشير إلى أن اللاعب عبود الشعيب من مواليد الرقة 1960.