خواطر رياضية

سعد الرميحي
رئيس التحرير الفخري

حظيت في الرابع والعشرين من مارس – آذار ٢٠٢٤م، فرصة الظهور على شاشة تلفزيون الكويت عبر قناته الأولى للحديث عن تجربة حياتي العميلة في المجال الإعلامي والرياضي عبر برنامج “كل الحكاية “، والذي يقدمه المذيع المتألق “سويد عبيد” ترافقه زميلته المذيعة المتألقة “نجلاء الكندري”، في رحلة استرجعت فيها شريط ذكريات طويلة لرحلتي مع الصحافة والإعلام، مروراً بذكرياتي في الكويت خلال سنوات الدراسة منذ سنوات طويلة.
لقد قرأت يوماً عبارة جميلة ظلت خالدة في ذاكرتي أرددها دائماً تقول:
عيب الحياة أنها تمنحنا الذكريات، وعيب الذكريات أنها لا تعود.
خلال البرنامج أتيحت لي الظروف أن أروي بعضاً من هذه الذكريات، مروراً بتجاربي العملية في ميادين العمل التي تشرفت بها برفقة زملاء كان لهم الفضل بعد الله في نجاح أي موقع كنت فيه.
الشيء، الذي كان ومازال وأعتقد بأنه سيظل في وجدان الكثيرين هي مكانة مجلة “الصقر”، فما زالت هذه المجلة تحتل في قلوب محبيها مساحةً كبيرةً، رغم مضي سنوات طويلة على غيابها عن مسرح الحياة الإعلامية، وما يثير الإعجاب هو أن جيلاً جديداً من الإعلاميين ما زال يذكر “الصقر”، ومسيرتها في عالم الصحافة الرياضية، وهذا سر نجاح أي مطبوعة اتخذت المصداقية والأمانة واحترام قرائها في ما تنقله وتطرحه من أخبار ومواضيع. وهذا ما لمسته في كثير من حواراتي الصحفية والتلفزيونية على مرّ السنين.
كما تطرق الحوار عن تجربتي في ميدان التلفزيون وما قدمته من برامج وحوارات ولقاءات مع مختلف قيادات قطرية وعربية أفتخر بها وبمشاركتها في هذا البرنامج.
إنني إذ أشكر قيادات وزارة الإعلام في الكويت الغالية، ممثلة في وزيرها النشط سعادة “عبدالرحمن المطيري “وللأخ العزيز “تركي المطيري” وكيل وزارة الإعلام لشؤون التلفزيون، واللذان كان لهما الفضل، بعد الله، في إفساح المجال أمامي وإطلالتي عبر قناة الكويت الأولى في هذه الليالي المباركة، آملاً أن أكون قد وفقت في الحديث عن ما يليق بهذه القناة والقائمين عليها.
كما لا يفوتني شكري وتقديري للأستاذ “تركي القطان” وفريق العمل معه وبالأخص مخرج البرنامج ولمقدمي البرنامج “سويد عبيد ونجلاء الكندري وحنان الزايد” والفرقة الموسيقية بألحانها الجميلة، داعياً المولى عزّ وجلّ أن يوفقهم للمزيد من النجاح.
***
في شهر مارس ١٩٨٣م كان هناك لقاء جمعني سوية مع سعادة الأستاذ محمد بن عبدالرحمن الخليفي وكيل وزارة الإعلام وقتها. في حينها وجهتُ له الدعوة إلى زيارة مقر مجلة الصقر والتعرف على المجلة وطريقة سير العمل والالتقاء بأسرة تحريرها. وهذا ما تم.
تشرفت المجلة وجميع العاملين فيها، باستقبال سعادته والحديث معه حول مسيرة الإعلام القطري، ودور وزارة الإعلام في دعم الصحف والمجلات القطرية، ونوّه سعادة الوكيل خلال حديثه، للدور المهم الذي تلعبه الصحافة المحلية في دعم مسيرة التنمية في المجتمع، وأوضح طبيعة العلاقة بين الوزارة والعاملين في الوسط الصحفي، كما أشار على ضرورة تحري الصدق والأمانة في طرح الآراء، لأن هذه هي رأس مال الصحفي الناجح.
ثم تحدث سعادته عن مسيرته المهنية في المجال الدبلوماسي والإعلامي، فكان الحديث معه جميلاً ثرياً غنياً بتجاربه العملية.
بعدها قام بجولة في أقسام المجلة، وتعرّف على سير العمل فيها، وأثنى على الصقر ومكانتها في ساحة الإعلام العربي، وأبدى إعجابه بقسم الأرشيف وما يحتويه من مواد ذات نفع لكل محب للرياضة، وكانت جلسة الحوار معه هي الأولى لمسؤول خارج الوسط الرياضي يزور المجلة، ويتحاور مع أسرة تحريرها في شتى المواضيع التي تتعلق بالإعلام محلياً وعربياً، وهذا يعود لطبيعة العلاقة التي ربطته بأسرة الوسط الإعلامي القطري، ولما عرف عنه من طيبة وتواضع.
في يوليو الماضي، كنت خارج الوطن عندما، بلغني خبر وفاة الأستاذ محمد بن عبدالرحمن الخليفي، بعد رحلة عمل طويلة وحب وإخلاص لبلده ولمهنته، تقلد فيها منصب سفير للدولة في دولة الإمارات العربية المتحدة لسنوات عدة، ليُرَشَّح للعمل وكيلاً لوزارة الإعلام حتى عام ١٩٨٩ م، ليتفرغ بعدها لعمله الخاص.
وبوفاته فقدنا رجلاً يعد من الرعيل الذي خدم الإعلام القطري طوال مشواره المهني، عرف بخلقه الرفيع ونفسه الطيبة وسعة صدره في تقبل كل الآراء، فقد كان مكتبه ملتقى لكل الأسرة الإعلامية من مواطنين ومقيمين وضيوف الدولة.
***
هو أحد أبرز الشخصيات التي تركت أثراً يصعب أن ينسى،،
دخل الوسط الإعلامي، فترأس تحرير مجلة سياسية شاملة كانت من أفضل المطبوعات الإعلامية عربياً وقتها، تناولت وبجرأة مناقشة العديد من القضايا سواء تلك التي تتعلق بالشأن المحلي أو العربي، واستعان بكفاءات صحفية عربية يشهد لها، ولكن مشروعه الصحفي لم يكتب له الاستمرار، فتوقفت مجلة الفجر في وقت ذروة الإصدارات الصحفية العربية، ثم ترأس النادي العربي العريق، واستطاع مع زملائه من غرس مبدأ جميل في كرة القدم، عندما قرر الزج بلاعبين صغار السن ليمثلوا الفريق الأول والصبر عليهم، ليكونوا عدة المستقبل للنادي، وهذا ما حدث، بل ودعم الألعاب الأخرى، وفي مختلف المسابقات.
ومع جني أول ثمار الحصاد، تقرر في ديسمبر ١٩٧٨ م، إسناد رئاسة اتحاد كرة القدم إليه، في فترة انتقالية تشهدها الكرة القطرية، لتبدأ معه رحلة جديدة وهي كيف يبني فريقاً يستطيع ان يكتب اسمه في خانة البطولات، وهذا ما تحقق بعد سنوات قليلة، تألقت فيها منتخبات قطر الثلاثة في كرة القدم “الناشئين والشباب والأول” ليتعرف العالم العربي على نجوم الكرة القطرية وقتها، ويكون منتخب قطر، كما كان يقال عنه “الحصان الأسود” في كل بطولة يشارك فيها.
ولكن، بعد اعتزاله، قرر أن يبتعد عن الحياة العامة، ويتفرغ لأسرته، رغم أنني أتلقى وبصفة دائمة رغبات العديد من الزملاء العرب والخليجيين بالذات، في رغبتهم في التواصل معه وإجراء الأحاديث الصحفية أو التلفزيونية للاستفادة من آرائه ووجهة نظره في مختلف القضايا، والتي تتعلق بالشأن الرياضي عربياً وعالمياً، ولكن الرجل اختار البعد مكتفياً بالمتابعة.
قبل سنوات وبالتحديد ليلة ١٥ أغسطس ٢٠١٧ م تلقيت منه اتصالاً هاتفياً عبر جوالي، بعد خروجي من التلفزيون، يشكرني ويهنئني على حلقة “برنامج الحقيقة” والتي كنت فيها ضيفاً مع الزميل المذيع محمد نويمي الهاجري”.
في ١٩ أكتوبر الماضي، التقيته صدفة، بعد غياب طويل، وهو يحضر حفل زواج أحد أقاربه.
سلطان بن خالد السويدي، الحاضر الدائم في قلوب محبيه، والذي ترك أجمل الأثر وأحلى الذكريات في مسيرته الإعلامية والرياضية تشرفت باللقاء به، بعد سنوات طويلة من الغياب.
***
من حقي أن أقول بأنني أول من قال إن المملكة العربية السعودية، الدولة الوحيدة في العالم القادرة على تنظيم مونديال بعدد ٤٨ منتخب.
يومها عاتبني صديق عزيز، قال لي كيف تقول إن المملكة العربية السعودية وحدها قادرة على تنظيم مونديال بعدد ٤٨ فريقاً؟
وقال:
أعتقد بأنه من الصعب أن تتمكن دولة واحدة من احتضان مونديال بهذا العدد الكبير من الفرق.
لم أعلق على كلام الصديق، ولكنني تركت كلمتي تمضي لتسجل في التاريخ بأنني الأول الذي أطلق هذه الدعوة إلى دولة أعرف إمكانيتها وقدرتها وعزيمتها، لتنفيذ هذه الفكرة لواقع تعيشه المنطقة يوماً ما.
قبل فترة أعلنت المملكة العربية السعودية رغبتها بتنظيم مونديال ٢٠٣٤م ، وهي جديرة لنيل هذا الشرف لتكون، بإذن الله، ثالث دولة عربية بعد قطر والمغرب تنظم مثل هذا المونديال الكبير.
جاءت كلمتي خلال مونديال قطر، فقد كنت ضيفاً على القناة السعودية الرياضية، وقلت يومها بأن الدولة الوحيدة في العالم، والتي تستطيع أن تنظم المونديال بعدد ٤٨ فريقاً، هي المملكة العربية السعودية، بإمكانياتها البشرية وقدراتها الإدارية وما تملكه من إمكانيات إذا ما سخرت لإنجاح هذا الحدث الكبير.
إن تنظيم مونديال بهذا العدد من الفرق يحتاج لتوافر إمكانيات كبيرة، وفي مختلف القطاعات، ولا أعتقد أن مثل هذا الأمور تغيب عن أصحاب الشأن، فمتطلبات تنظيم البطولات الكبيرة تحتاج لعوامل لوجستيه لا بد من توافرها، كما أنَّ السعودية سوف تنظم الألعاب الآسيوية عام ٢٠٣٤م، مما يعني بأنها في نفس العام، وقد تكون بروفة، إذا ما منحت شرف تنظيم المونديال، قبل انطلاقة هذا الحدث الكبير.
الذي يتابع الأحداث الرياضية في العالم، يدرك اليوم بأن الدوري السعودي أصبح محط أنظار العالم، عندما استقدم هذه الأسماء الكبيرة لنجوم كرة القدم العالمية للعب لمختلف الأندية السعودية، وها هو الدوري يشهد منافسة شرسة بين انديته لنيل شرف الفوز به، وكأني بالقائمين عليه يتطلعون لأن يكون دوري روشن من البطولات الكبيرة في العالم.
والشيء الجميل في هذه المسابقة هو تألق الأندية التي كانت تحسب على أنها صغيرة، فنادي التعاون يحتل حالياً المركز الخامس، وهي ظاهرة غير معتادة سوى في مرات نادرة، تكون الفرصة مواتية لمزاحمة أندية كبيرة كالهلال والنصر والاتحاد والأهلي والاتفاق.
كل الدعاء والتمنيات للمملكة العربية السعودية بالنجاح في تنظيم مونديال ٢٠٣٤م.