مقالات

فازت قطر .. فازت قطر

عبدالله العجمي

أشعر بأني عندما أريد أن أكتب، لا بد لي من ركوب تاكسي خيالي، وأتجول وأنا في غرفتي!

كم هو جميل ومريح هذا التاكسي، لا عداد ولا محطّة مقصودة، وقبل هذا وذاك، لا ثرثرة سائق لا يعرف كيف يُغلق فمه عند إشارة المرور الحمراء!

ثم أصل إلى مدينة الكلام، وأنزل من تاكسي الخيال، وأجد محلات الكلام المتنوعة (فن، رياضة، سياسة، مجتمع)، كلها وقد رفعت لافتات (تنزيلات) كل محل ينادي صاحبه، ويدلل على بضاعته بصوت ينافس حدّة وجهورية ورخامة صوت المعلق الصدّاح رؤوف خليف: (الزين عندنا والشين حوالينا)!

ولو قال (ويش ها لليلة) لقلت إن صاحب المحل هو رؤوف خليف بشحمه ولحمه وميكرفونه!

من كثرة البضاعة أحتار ماذا أشتري، فالمثل الدارج في السوق يقول: (إذا أردت أن تحيره فخيره) في السلع.

سأدخل محل الرياضة وأترك السياسة والخساسة، وسأتجاوز الفن برغم حبّي للفن والفنانات!. حبي للفنانات (الحب الكبير) الذي لا ينافسني فيه إلّا المستشار (تركي الشيخ).

في الرياضة أقول: دولة قطر وهي تستعد للمونديال التاريخي من جميع النواحي، كأنها صُمّمت بمواصفات قرية أولمبية لتكون قادرة مقتدرة على تنظيم أكبر وأجمل بطولات الأرض كأس العالم، ونجحت نجاح ساحق فاق أوروبا وما وراء أوروبا، وما زال صوت الشاعر القطري خليل الشبرمي الذي (هيجن) للمونديال يتردّد صداه في الأسماع وهو يردد: (فازت قطر.. فازت قطر).

كأس العالم شاهد إثبات على التنظيم ومقدرة قطر المدهشة. شاهدنا الدهشة التي كانت تتلألأ على صلعة رئيس الفيفا الإيطالي (جياني الهوى جانا، جانا من زنجبار)!

جماهير المونديال، من جمال تنظيم المونديال كانت تعاني أعراض الفرحة الهستيرية.. تجد (مناحي) السعودي ذا الأنف الثعلبي، والأسنان الذئبية يجلس بجانب (كلوديا) الأرجنتينية، ذات الشعر الذهبي والعيون القرمزية!

وتجد الفارس الأسمر (فرج) القطري يجلس بجانب الشقراء الهولندية (تمارا) التي كأنها غمست في نهر من عسل، يتبادلان النظرات والابتسامات، وقد تعطلت لغة الكلام، لأن فرج ببساطة لا يجيد اللغة الهولندية، ولا تمارا تجيد اللهجة القطرية!

ناهيك عن ذلك الكوري الذي يجوب سوق واقف، وقد ارتدى الزي الخليجي على طريقة الممثلين المصريين في أفلامهم!. منظر يُغري العيال أن تركض خلفه (ويعملوا حاجات غريبة)! .. كسحب كراكيش العقال مثلاً.

 الكوري وابن عمّه الياباني والسنغالي والمكسيكي.. في (كرنفال) إنساني مشوب بالسعادة التي أوجدتها قطر بطريقة الضيافة العربية المحافظة، فلم يحدث أن ترنّح إنجليزياً من معاقرة أم الكبائر، ولا تهتّك هولنديا من فرط الحرية الزائدة عن اللزوم.

أتمنى أن تقرر الفيفا، وتجعل البطولات الكروية كلها في قطر. فقطر تصنع من البطولة كرنفال إنساني للشعوب المكبوتة جرّاء الضجيج السياسي والعويل الاقتصادي.

يلقبون سويسرا بـ (ملعب العالم)، وبعد أن رأى العالم ملاعب قطر قال إن قطر (ملاعب العالم!!!

ثم إن قطر تملك الحقوق الحصرية للبطولات الكروية، من خلال شبكة (بي إن سبورت) العالمية… بما أن الدنيا مبنية على المتناقضات، على النقيض المهني عندهم أيضاً (قنوات الكأس)،  وبرنامج المجلس الذي يديره المثير عاشق الإثارة (خالد جاسم)، وبرفقته فرقته (مجانين التحليل) الذين لا يحللون ولا يحرّمون في الردح المفتعل والصراخ معاً في وقت واحد، ولا أنسى حكاية الفارسي الأصيل محمد كرم حامل الجنسية الكويتية، عندما شبّه حمود سلطان بالصحابي الجليل بلال بن رباح رضي الله عنه… (لا أجهل بأن خالد له جمهوره.. والجمهور عاوز كده).

قطر في التنظيم لا ينافسها أحد، قطر لا ينافسها إلا قطر.. أين سيأخذ الأمير الشاب تميم بن حمد قطر؟ لقد أخذها من أرض الواقع إلى عَنان الخيال.

حفظ الله قطر أميراً وشعباً، وجزاهم الله كل مَكرمة، وأسعدهم بقدر ما أسعدوا العرب من محيطهم  لخليجهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى