عن فرقة الرّقة.. وفنون الدبكة

المزمار
أخذت شهرة اسماعيل العجيلي، أو ما كان يعرف بـ “سميعو” تطفو على السطح، وتطغى في الرّقة، ولا سيما أنّه من عائلة معروفة ولها اسمها وشهرتها.. وجلَّ وقته ينصبّ في البحث عن شباب بسمات وصفات معينة للانضمام إلى فرقة الرّقة للفنون الشعبية التي تأسست في عام 1969، على أن تكون بداية في أحياء فلكلور مدينة منسية من خلال الاعتماد على الشباب الصغار لعله يصل إلى هدفه.
ومن صفات مدرب الفرقة والباحث عن تراثها وأحيائها فقد كان حركاً جداً، أضف إلى أنه كان قصير القامة، وكأنه واحداً من الأكاديين، مجعد الشعر وصوته جهوري وكأنه صوت شحن يمر على سفح جبل.

تنقّل العجيلي من مدرسة إلى مدرسة باحثاً عن شباب بعمر الورود لعلهم يحققون مبتغاه في التمكين من العثور على ما يرضي أمنيته في إحداث فرقة فنية لها شأنها في الدبك والرقص، وبالفعل بدأ البحث عن الفتيان والفتيات في كل مكان، وبدأ أولى خطواته الجادة من المدارس، وحاول مراراً، واضعاً بين نصب عينيه في أنّه لا بد أن يقع اختياره على من يراه يتصف بالصفات التي رسمها في ذهنه، بالفعل كان يحاول باصطياد صيد ثمين لجهة ارضاء غروره وتطلعاته، والمسؤول أولاً علّها تسرّ خاطره.

بدأ البحث في مدارس المدينة، والذهاب بنفسه وبرفقة مدراء المدارس وموجهيها، وفي إحدى صور البحث والتنقيب عن الخامات الشابة الفتية وفي احدى مدار المدينة لفت نظره في داخل أحد صفوف المرحلة الإعدادية عدد من الطلاب طوال القامة، ووقع اختياره على بعضهم، وطلب منهم الخروج من مقاعد الجلوس والوقوف أما السبورة، ولم يعِ الطلاب ما هو السبب وراء هذه الحكاية، فما أن بدر من أحد الطلاب، وهم ما زالوا شباب صغار، متسائلاً عن معرفة الأسباب الداعية وراء هذا التصرف الذي غاظ أكثرهم، في معرف الأسباب الداعية لذلك حتى بادر إلى الإجابة إلى أننا نبحث عن القامات التي تناسبنا لأجل ضمّها إلى فرقة الدبكة للفنون الشعبية التي نحاول تأمين أكبر قدر من الوجوه الشابة لأجل تدريبها، وسيكون لها مستقبل مشرق، وهناك مكافآت ستدفع لقاء الالتزام بها والتقيد بمواعيد التدريبات الخاصة بها، و ستلقى الفرقة كما أكد لهم دعماً كاملاً من قبل المسؤولين في المدينة، وفي حال نجحت في تقديم ما يطلب منها سيمنح المتفوقين منهم علامات إضافية تضاف إلى ما يحصلون بعد نيلهم شهادة الثانوية العامة، ليتمكنوا من دخول الجامعة من أوسع أبوابها.. وبرز من بين أحد الطلاب طالباً طلب من السيد سميعو اعفائه من هذه المهمّة، مؤكداً أنَّ رغبته وهوايته بعيدة عن الدبك والرقص وما شابه هذه الخزعبلات التي لا تليق به، على الرغم من أنه يتمتع بالصفات التي يبحث عنها، وهو مناسب جداً لذلك، وهذا ما غاظه كثيراً، وما أثار حفيظ سميعو!!..
بعد مرور سنوات على هذا الموقف، تمكن ذلك الطالب، وبجهود إحدى معارفه من السفر إلى أحد البلاد الأوروبية، وتعلم فيها واستقر، وإذا باتصال فوجئ به من قبل السيد إسماعيل العجيلي يُخبره فيه أنه وصل إلى البلد الذي يقيم فيه، ويأمل منه مساعدته إن أمكن، لا سيما أنه يتقن لغة البلد الذي يقيم فيه، فما كان من ذلك الطالب الذي رفض طلب مدرب الدبكة إلى قدم له المساعدة وأرشده إلى الطريق السليم، وذكّره في الواقعة التي جرت منذ سنوات، وهو الذي فضل اختيار هواية أخرى تلائم طموحه ورغبته، غير تلك التي كان يحاول غرسها في فكر وأذهان هؤلاء الشباب الناشئة الذين تمكن البعض منهم من النجاح والتميز في دراستهم، والبعض الآخر كان الفشل في طريقه إليهم!.