اخبار رياضيةعالمية

لماذا اختفى بريق مانشستر سيتي؟ ومتى سيعود؟

 رغم نجاح مانشستر سيتي في استعادة نغمة الانتصارات، بالفوز على لوتون تاون بشق الأنفس بنتيجة 2-1 في عطلة نهاية الأسبوع الماضي في الدوري الإنكليزي الممتاز، وآخر على حساب النجم الأحمر الصربي بثلاثية مقابل اثنين في ختام دور مجموعات دوري أبطال أوروبا، إلا أن هذا لم يكن كافيا لإقناع أغلب النقاد والمتابعين، بالنسخة التي يبدو عليها السكاي بلوز هذا الموسم، كفريق يعيش على أطلال وسمعة الماضي السعيد، وليس ذاك الفريق الذي كان يخشاه الكبير قبل الصغير في أوروبا وإنكلترا، ووضح ذلك للجميع في فترة تخلي الفريق عن صدارة البريميرليغ ما بين الجولتين الثانية عشرة والخامسة عشرة، التي خرج منها بثلاث نقاط فقط، بواقع 3 تعادلات أمام تشلسي وليفربول وتوتنهام، وهزيمة مؤلمة أمام أستون فيلا، الأمر الذي تسبب في عودة السيتي إلى المركز الرابع في جدول ترتيب أندية البريميرليغ، بفارق 3 نقاط عن توتنهام صاحب المركز الخامس، وعلى بعد 4 نقاط من المتصدر ليفربول و3 نقاط عن الوصيف آرسنال، ونقطتين عن أستون فيلا صاحب المركز الثالث، وسط تسونامي من التقارير والمقالات الإنكليزية التي تشكك في قدرته على المنافسة على لقب البريميرليغ والاحتفاظ به للموسم الرابع على التوالي.

أزمة أم عناد

صحيح البعض ينظر إلى نتائج وعروض السيتي هذا الموسم، وبالأخص في فترة ترنحه في أسابيع ما قبل تجاوز لوتون تاون، على أنها أزمة كبيرة، رغم أنه عمليا، لم يعرف طعم الهزيمة سوى مرة واحدة في هذه المعارك، لكن البعض الآخر، ينظر إلى هذه السلسلة، باعتبارها كاشفة لمصير مانشستر سيتي في باقي مواجهاته أمام الكبار، أو بعبارة أخرى، مؤشراً لصعوبة بقاء لقب الدوري الإنكليزي الممتاز في ملعب “الاتحاد” للموسم الرابع على التوالي، لكن بالنسبة لصاحب الشأن بيب غوارديولا، فكما قال في حديثه مع الصحافيين بعد التعادل الدرامي مع توتنهام بنتيجة 3-3: “شعوري اليوم هو أننا سنفوز بالبريميرليغ هذا الموسم، بشرط أن نلعب بهذه الطريقة وهذا المستوى الذي أظهرناه أمام ليفربول وتوتنهام، إذا فعلنا ذلك سنفوز بالدوري. أعرف أن الناس لا يصدقون ذلك بالفعل بعد 3 تعادلات على التوالي، لكننا نشعر أننا سنعود للقتال على اللقب مرة أخرى، علما أننا على يقين بأن المهمة لن تكون سهلة على الإطلاق بأن تحتفظ بلقب الدوري الإنكليزي الممتاز 4 مرات على التوالي”، حتى بعد السقوط المؤلم أمام الفيلانز، رفض التنازل عن عناده، مكتفيا بالإشارة إلى أن الفريق يعاني قليلا، مع وعود كثيرة بإيجاد طريقة ما لإعادة الأمور إلى نصابها الصحيح، وهو ما حدث بالفعل في مباراتي الأسبوع الماضي أمام لوتون تاون والنجم الأحمر الصربي، لكن ظلت علامات الاستفهام تلاحق بيب وفريقه، لابتعاده عن الصورة المحفورة في الأذهان، عن مانشستر سيتي غوارديولا، الذي كان يتلذذ في قهر خصومه، بأسلوبه المميز الذي يجمع بين المعنى الحرفي لكرة القدم العصرية الجميلة، وبين الحدة والشراسة والرعب الكروي أمام الخصوم، وبدلا من ذلك، اعتاد على الظهور بثوب الفريق الذي يجاهد من أجل افتكاك الثلاث نقاط.

مؤشرات أوبتا

بعيدا عن نسخة السيتي الباهتة في الدوري الإنكليزي الممتاز، رصد كومبيوتر “أوبتا” الذكي، بعض الأرقام والإحصائيات، التي تُشير بشكل ما إلى المشاكل التي يعاني منها صاحب ثلاثية الموسم الماضي، منها مثلا دخوله الموسم كمرشح قوي للفوز باللقب بنسبة 90.2% في الجولات الأولى، وارتفع إلى 91.3% بعد البداية الخالية من العيوب في أول 4 جولات، قبل أن ينخفض إلى ما يقرب من 73% بسبب الهزائم أمام آرسنال وولفرهامبتون، والآن وبعد فترة من التأرجح تراجع إلى ما دون مستوى الـ50%، بعد تسجيل سلسلة من الأرقام السلبية غير التقليدية في حقبة السيتي مع غوارديولا، مثلا ما حدث في مباراة آرسنال، بخلق 4 محاولات فقط على المرمى طيلة الـ90 دقيقة، منهم تسديدتان بين القائمين والعارضة، إلى جانب ترك لاعبي أستون فيلا يستحوذون على الكرة في الثلث الأخير للسيتي في “فيلا بارك” 13 مرة، كأول مرة يفقد فيها السيتي الكرة أكثر من 11 مرة في الثلث الدفاعي منذ وصول الفيلسوف الكتالوني في صيف 2016.

وعلى سيرة المرة الأولى، كانت أيضا المرة الأولى التي يخرج فيها الفريق بأقل عدد متاح من النقاط في 4 مباريات على التوالي منذ مارس / آذار وأبريل / نيسان عام 2017، في حين، كان الفريق يتميز عن باقي خصومه بسلسلة انتصاراته الطويلة، التي كانت تمكنه من إزاحة ليفربول من الصدارة في الأمتار الأخيرة في سنوات الصراع الخاص مع الألماني يورغن كلوب، وأيضا فعلها الموسم الماضي مع تلميذه ميكيل آرتيتا، الذي كان قريبا من إعادة لقب البريميرليغ إلى معقل المدفعجية، لولا ثورة السيتيزينز في أسابيع الحسم في نهاية الموسم.

العمق والظروف

واحدة من أكثر المشاكل التي تؤرق غوارديولا، وساهمت بشكل رئيسي في اختفاء بريق السيتي ونسخته المخيفة في الدوري الإنكليزي الممتاز، تكمن في غياب أسلحته الفتاكة وانتشار عدوى الإصابات والإيقاف بين اللاعبين في غرفة خلع الملابس، والحديث عن العقل المدبر وحامل أختام الهجمات والغارات، الأشقر البلجيكي كيفن دي بروين، الذي يُعاني من انتكاسة طويلة الأجل، على إثرها لم يركل الكرة منذ المباراة الافتتاحية لحملة الدفاع عن البريميرليغ، ومؤخرا انكشفت نقطة الضعف الأكثر وضوحا في السيتي هذا الموسم، بتلك المعاناة الملحوظة في خط الوسط، كلما غاب القلب النابض رودري، ولعلنا نتذكر أنه غاب أمام ولفرهامبتون وآرسنال وأستون فيلا، وهي المباريات الوحيدة التي خسرها الفريق في الدوري حتى الآن، دليلا على صحة إحصائية أوبتا، التي تشير إلى أن نسبة فوز السيتي منذ بداية الموسم الماضي في وجود رودري بلغت الـ72%، وتنخفض إلى 50% عندما يغيب بداعي الإصابة أو الإيقاف، ولو أن هذا لا يعني بطبيعة الحال، أن السيتي هو فريق الرجل الواحد، أو أن رودري هو صانع السعادة الوحيد في المشروع، لكنها تظهر أهميته وتأثيره سواء على أداء وتوازن خط الوسط أو في نتائج الفريق، هذا بخلاف وضوح تأثير رحيل الثنائي الذهبي رياض محرز وإلكاي غندوغان، اللذين شاركا في ما مجموعه 101 مباراة في موسم الثلاثية التاريخية، وشاركا في تسجيل 45 هدفا، بواقع 26 هدفا بالإضافة إلى 19 تمريرة حاسمة، في الوقت الذي يحاول فيه الوافد الجديد جيريمي دوكو، تقديم أوراق اعتماده، كمشروع سوبر ستار، بإمكانه محاكاة تأثير محارب الصحراء، لكن من سوء طالعه، حالة الفريق والتراجع الملموس في مستوى المنظومة الجماعية، يغطي كثيرا على تألقه الواضح للجميع، مقارنة مثلا بالصفقات الأخرى الجديدة، التي تأخرت في الانسجام والتكيف على أسلوب لعب الفريق، مثل ماتيو كوفاشيتش وماتيوس نونيز والمدافع يوسكو غفارديول، ما بين ضعف واضح في الجودة والفارق في الكفاءة مع الحرس القديم الراحل، كما يبدو في الفارق الشاسع بين الدولي الكرواتي والقصير الألماني غندوغان في وسط الملعب، وبين مشاكل مع الإصابات وقلة الثقة كما هو الحال مه الثنائي الآخر.

وبالإضافة إلى كل ما سبق، ظهرت أزمة جديدة في الأسابيع القليلة الماضية، بنقص مفاجئ في عمق الفريق، وهذا تجلى في الوجوه الجديدة التي بدأنا نشاهدها على مقاعد البدلاء، من نوعية أوسكار بوب، ريكو لويس برفقة صديق مقاعد البدلاء كالفن فيليبس، وهذا تسبب بشكل أو بآخر في إلزام غوارديولا، وربما إجباره على إجراء تبديلين فقط أمام تشلسي، والمقامرة بالتشكيل الأساسي أمام ليفربول حتى الدقيقة 90، وبعدها عاد لإجراء 4 تغييرات أمام توتنهام وأستون فيلا، ما يعني، أن المدرب يعي جيدا أن القدرة على تغيير اللاعبين وتدويرهم بانتظام، هو الطريق الوحيد الذي سيسمح للسيتي للذهاب بعيدا في البطولات الثلاث كما حدث الموسم الماضي، ومع وقوف الفريق على بعد 4 نقاط فقط من المتصدر، سيكون من الجنون الحكم على موسم السيتي بالفشل، خاصة وأن السيتيزينز أصبح متخصصا في العودة من بعيد وقلب الطاولة على خصومه في الأوقات الحاسمة، وعادة ما تكون نقطة الانطلاق أو فرصة نفض الغبار مع ضغط المباريات في فترة عيد الميلاد، وكالعادة ومن حسن حظ بيب وفريقه، أن المباريات القادمة بعد لوتون ستكون في المتناول أو مجرد اختبارات متوسطة أمام كريستال بالاس وإيفرتون وشيفيلد يونايتد، بخلاف الالتزام بكأس العالم للأندية المقامة حاليا على الأراضي السعودية، وفي حال عودته من المملكة بالكأس، وهو السيناريو المتوقع حدوثه الأسبوع المقبل، فقد يستعيد غوارديولا ورجاله كامل ثقتهم بأنفسهم، تمهيدا للريمونتادا التي ينتظرها عشاق النادي في النصف الثاني من الموسم، والتي ستتزامن مع اكتمال الصفوف بعودة دي بروين من إصابته السيئة، فهل تعتقد عزيزي القارئ أن السيتي سيستعيد بريقه المفقود مرة أخرى ويعود لممارسة هوايته المفضلة بالجمع بين الأداء الرشيق وبين العروض الهوليوودية والنتائج العريضة أمام الكبار قبل الصغار؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى