مدير تحرير الصقر سابقاً

الصقر
العدد : 216
12 / مارس 1985
ولد الأستاذ مازن إسماعيل حجازي سنة 1359 هـ/ 1940 م في بئر السبع. حصل على ليسانس آداب في اللغة العربية من جامعة الإسكندرية 1972. عمل سكرتيرًا لتحرير مجلة الإذاعة والتلفزيون الأردنية من 1969 حتى 1971، ومديراً لتحرير جريدة الدوحة القطرية 1972-74، ومديرًا لتحرير مجلة الصقر القطرية من 1977حتى 1980، ورئيسًا لتحرير مجلة تجارة قطر 1980-82، ورئيسًا لتحرير مجلة المغترب العربي، 1984-8.
نشر العديد من قصائده وأبحاثه الأدبية والنقدية في الدوريات العربية .
انقطعت أخباره بعد مغادرته الدوحة عام 1985 وانتهى به المطاف في مدينة الخليل الفلسطينية .
شكراً لمن زوّدنا بالمعلومات
شكراً ل
الأستاذ سلمي أبو جزر..
وداعا يا قطر
وداعا يا صقر

ها أنا أحزم حقائبي، وأرحل مرةً أخرى.
أدمنت الرحيل.. من بلد إلى بلد.. ومن عمل إلى عمل.
من الخليل المحتلة إلى عمّان إلى دمشق إلى جيزان إلى بيروت فالدوحة، وبينهم مدن عديدة.
ومن مراقب سلوك ومرشد اجتماعي، إلى مدرس إلى مذيع تليفزيوني إلى موظف بنك إلى صحافي، وبالإضافة إليهم مؤسسات وشركات كثيرة.
ومن صحافي في جريدة أسبوعية، إلى الصحف اليومية فالأسبوعية فالشهرية.
ومن صحف سياسية إلى مجلات أدبية، إلى مجلات رياضية، إلى مجلات فنية إلى مجلات تجارية (هل التنقل بهذا الشكل مرض أم بحث عن الأفضل)؟!.
لكن الصحافة أخذت كل اهتمامي، فقد مارستها حتى بالإضافة إلى أعمالي الأخرى طيلة ربع قرن. أرجو أن لا يعتقد القرّاء، أنني أتجاوز الأربعين عاماً بكثير).
ولقد رأيت العجب العجاب في مهنة الصحافة مما لا مجال لذكره هنا، لكنني أورد بعضاً منه كمثال. فقد عملت مرة مديراً لتحرير جريدة يومية.. لا أدري لماذا ألصقوا بي صفة المدير، بالرغم من عدم و جود محررين لأكون مديراً عليهم، وفي أوّل أيّام وصولي إلى بيروت، اضطررت إلى العمل مع صحافي كان يصدر مجلة تهتم بدول الخليج العربية فقط، وقد كلفني بكتابة المجلة من الغلاف إلى الغلاف ـ مع عدم إهمال وضع أسمه على المواضيع الرئيسية ـ لقاء مبلغ 500 ليرة لبنانية شهرياً ( كان سعر الليرة غير سعرها هذه الأيام وكان الراتب كافياً عام 1972 لو أنني كنت أستلمه)، فقد كان هذا الصحافي الكبير يدّعي في نهاية كل شهر أنه أصيب بنوبة قلبية، ويتمدد على سرير وضعه إلى جانب مكتبة خصيصاً لهذا الغرض، فأخجل من مطالبته بالراتب، وتأتي السكرتيرة في اليوم التالي لتقول لي استلفت لك 200 ليرة من أمي حتى لا نُزعج رئيس التحرير، وقد اكتشفت اللعبة بعد ثلاثة أشهر لتكرارها.. فآثرت الهرب بدون بقية الرواتب..
ذكريات كثيرة، يضيق المجال عن ذكرها هناك، لكنني أسوقها لأقول: إنّني ما عرفت لذّة العمل الصحفي إلّا في قطر.. وما لمست تقدير الجهد الصحفي إلّا في “الصقر”.
قطر التي قضيت فيها أكثر من ربع عمري حتى الآن.. و”الصقر” التي قضيت فيها ربع هذا الربع..
في قطر ولد لي طفلان وطفلة.. ارتبط مكان ميلادهم بالدوحة وتعلم طفلين منهم في مدارس الدوحة.. فما خرجت وإياهم إلى بلد إلّا وطالبوني بالعودة فوراً.
رعاك الله يا قطر.. وحفظك الله يا مجلة “الصقر”، ففي “الصقر” لمست كم هو سهل وبسيط أن تجمع قلوب الشباب في سائر أرجاء الوطن العربي إذا تحدثت إليهم بموضوعية، ولغة عربية بعيدة عن التعصب الضيق.
وكم كنت أسعد عندما أشاهد فرحة الشاب في المغرب بمجلة “الصقر” وحرصه عليها تماماً كفرحة الشاب القطري إن لم تكن أكثر.
وفي قطر، لمست كيف أن العدل يؤدي إلى الاستقرار والأمن، ويبرز المواهب ويفجّر الطاقات للعمل.
وإذا كان الوداع مؤلماً دائماً.. فإن وداعي لقطر ولمجلة “الصقر” أشد إيلاماً.. وأنا أكتب هذه الكلمات قبل يوم واحد من سفري وبعد أن طفت بالسيارة أكثر من مرّة شوارع الدوحة.. فلي في أغلب البيوت أصدقاء وأحبّاء.. وإذا رحلت عن الدوحة غداً فأنا واثق بأن قلبي لن يرحل معي. وكيف يرحل وقد ذاق طعم المحبّة والأمن والاستقرار طيلة اثنتي عشرة سنة.
وستظل يدي تمسك بالقلم للكتابة إلى مجلة “الصقر” مهما ابتعدت المسافات.. ومهما بلغت من العمر .. فالحديث إلى الشباب حديث محبب إلى النفس، فكيف إذا كان هذا الشباب منتشراً من خليج الوطن العربي الكبير إلى محيطه؟!.
وأعود لأقول.. وداعاً يا قطر.. وإلى اللقاء يا صقر قطر، المحلق باعتزاز في أجواء الوطن العربي الكبير.
مازن حجازي
مدير تحرير مجلة الصقر
مجلة الصقر
العدد : 216