تعد الجرائم التي ارتكبها بشار الأسد خلال سنوات حكمه سبباً رئيسياً في هروبه من سوريا، حيث تجاوزت أفعاله حدود الديكتاتورية التقليدية لتصل إلى مستويات غير مسبوقة من الإجرام. هذه الجرائم التي لم يقتصر أثرها على الشعب السوري فحسب، بل امتدت لتشكل تهديداً إقليمياً ودولياً، جعلت من محاكمته مطلباً عالمياً لتحقيق العدالة.
استخدام الأسلحة الكيميائية والبراميل المتفجرة ضد المدنيين، بما في ذلك النساء والأطفال، يعد انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي، ناهيك بممارسة التعذيب في السجون وإخفاء الآلاف من الأشخاص قسراً لأسباب سياسية، مما يمثل جريمة ضد الإنسانية/ وتبنيه سياسات تهدف إلى تأجيج الصراعات الطائفية والعرقية داخل سوريا، لتحقيق مكاسب سياسية وتأمين بقائه في السلطة، فضلاً عن تورطه في تجارة الأعضاء البشرية، بما في ذلك استغلال المعتقلين لهذا الغرض، وتحويل سوريا إلى مركز رئيسي لتصنيع وتهريب المخدرات، ما أدى إلى تداعيات مدمرة على المنطقة، بالإضافة إلى استيلاء الأسد ونظامه على أموال الدولة والخاصة، بما في ذلك تهريب الآثار وبيعها، واحتكار الاقتصاد لصالح عائلته وشركائه، والسماح بدخول قوات أجنبية وميليشيات إلى البلاد، وبيع الأراضي والموارد الوطنية لصالح جهات خارجية، وتهجير ملايين السوريين قسراً وتجويع المدنيين وحرمانهم من أبسط مقومات الحياة، وارتكاب انتهاكات جنسية ممنهجة ضد النساء والأطفال داخل مراكز الاحتجاز، مما يعد واحدة من أفظع الجرائم الإنسانية. وإلى هذا وذاك تقويض الوحدة الوطنية وتقسيم البلاد عبر سياسات تمييزية وحروب داخلية، بالإضافة إلى تدمير المؤسسات المدنية والعسكرية.
وفقاً للقانون الدولي، فإن الجرائم التي ارتكبها بشار الأسد تصل عقوبتها إلى الإعدام أو السجن المؤبد. الجرائم التي تشمل جرائم حرب، جرائم ضد الإنسانية، واستخدام الأسلحة المحرمة دولياً، هي انتهاكات لا تسقط بالتقادم وتستوجب محاكمة عادلة أمام محكمة دولية.
هروب بشار الأسد من سوريا لا يعني إفلاته من المحاسبة. فالتاريخ مليء بأمثلة على محاكمات لاحقة لقادة ديكتاتوريين ومجرمي حرب، سواء أمام محاكم محلية أو دولية. الضحايا، والمنظمات الحقوقية، والمجتمع الدولي سيواصلون الضغط لضمان عدم إفلاته من العقاب، لأن العدالة ليست خياراً، بل ضرورة.
الجرائم التي ارتكبها بشار الأسد ضد الشعب السوري هي جرائم موثقة وشهادات حيّة على سنوات من القمع والإجرام. هروبه من سوريا لا ينهي المسؤولية، بل يفتح باباً واسعاً لمحاكمته أمام العدالة الدولية. العدالة ليست فقط محاسبة فرد، بل هي رسالة لكل من يحاول أن يسلك هذا الطريق المظلم: أن العالم لن يسكت، وأن حقوق الشعوب ستظل حاضرة في المشهد الإنساني مهما طال الزمن.
عبد الكريم البليخ