عالم كرة القدم (ما بعد غزة)!

خلدون الشيخ

في عالم كرة القدم، الذي أغمضت الجماهير أعينها عنه في الأسابيع الماضية، لتضع كامل تركيزها وهمها مع أهالي غزة، فإن قبل هذه الأحداث كانت هناك مؤشرات محددة عن فرق أندية الكرة الأوروبية صاحبة الشعبية، وما حدث إلى اليوم يعد مثيراً إذا أردنا أن نبعد تركيزنا قليلاً عن تصريحات الملثم “أبو عبيدة” وفيديوات الإعلام العسكري وتحليلات اللواء، فسنجد في الساحة الإسبانية صعود نجم ساطع في سماء العملاق الملكي ريال مدريد، بتألق الإنكليزي جود بيلينغهام بصورة فاقت كل التوقعات، فهو يتصدر هدافي الفريق، رغم أنه لاعب وسط وليس مهاجماً، حيث سجل 15 هدفاً من أصل 17 مباراة لعبها مع الفريق في كل المسابقات، وأصبح أول لاعب في تاريخ الريال يسجل في المباريات الأربع الأولى التي يلعبها مع الفريق، وهو إنجاز رائع مع فريق عج على مر التاريخ بنجوم من العيار الثقيل بينهم صاحبا الكرة الذهبية كريستيانو رونالدو وكريم بنزيمة، كما أن بيلينغهام يتصدر هدافي الدوري بـ11 هدفاً، حيث اشتهر باحتفاله بالتسجيل بصورة “العظيم” بفرد ذراعيه وكأنه يحتضن صيحات واحتفالات الجماهير الصاخبة، لتصبح صورة معبرة وأيقونة لموسم الملكي حتى الآن، حيث ساهم في تصدر فريقه الدوري بفارق كبير عن غريمه برشلونة، ولم يخسر على أرضه “سانتياغو بيرنابيو” حتى الآن، وفاز بكل مبارياته في دوري الأبطال، رغم معاناته من الإصابات المتكررة لنجوم أمثال فينيسيوس جونيور وايدير ميليتاو ولوكا مودريتش وتيبو كورتوا وادوار كامافينغا. وفي المقابل نجد الغريم برشلونة بدأ يلمس تأثير أزمته المادية وانعكاسها على نتائج الفريق، بعدم قدرته على الاستثمار في سوق الانتقالات مثلما ينبغي، فعانت نتائجه جراء إصابات متعددة ومتقطعة لنجوم أمثال بيدري وغافي وليفاندوسكي وحاليا حارسه تير شتيغن، ليكافح لتعويض غياباتهم لاجئاً إلى أكاديميته الشهيرة “لا ماسيا” للزج بالعديد من المراهقين، كان أبرزهم المغربي الأصلي الأمين جمال، ومع ذلك ترك صراع المقدمة لغريمه الريال، وجاره مفاجأة الموسم جيرونا.
أما في إنكلترا، فعانى صاحب الثلاثية مانشستر سيتي حتى الآن، حيث يحتل المركز الرابع حالياً بعد إخفاقه في الفوز في مباريات الأربع الأخيرة في الدوري الممتاز، وهي المرة الاولى تحدث هذه الواقعة لفريق يدربه بيب غوارديولا، حيث عانى من فترة انتقالية من صنع يديه بتخليه عن نجمين مؤثرين هما غندوغان ورياض محرز، فأخفق في تعويض الأول رغم أنه ضم كوفاسيتش ونونييز، فيما يحتاج دوكو وقتاً أطول لتعويض غياب النجم الجزائري، لكن التأثير الأكبر كان بسبب غياب نجمه الأول كيفن دي بروين للاصابة، والذي كان الممول الأول لأهداف “الماكينة” هالاند، الذي لم يعد يحظى بنفس القدر من الفرص بغياب صانع الألعاب البلجيكي، فضلاً عن التمادي في اعتماد غوارديولا على قلوب الدفاع في الأطراف ما تسبب بنقطة ضعف واضحة، كانت جلية خلال الهزيمة أمام أستون فيلا حيث استغلها بايلي في ظل تخبط غفارديول. في حين يتصدر أرسنال الذي جنى ثمار استثماراته الكبيرة في سوق الانتقالات وأبرزها ديكلان رايس، رغم علامات الاستفهام على حارسه دافيد رايا. أما ليفربول فإنه يقدم أفضل مما توقع منه على اعتبار انه في مرحلة انتقالية أيضاً بعد استبدال خط وسطه بالكامل، وضم 4 لاعبين جدد، في حين كان الجدل الكبير قبل أحداث غزة على مصير المليار جنيه استرليني التي أنفقها تشلسي في عام واحد على لاعبين جدد ومدى تأثيرهم على نتائج الفريق، فسنجد أنها لم تقدم أو تؤخر، اذ ظل “البلوز” يحتل مركزاً في وسط القائمة. وفي حين عاد مانشستر يونايتد إلى معاناته المعتادة، فإن التخبط نابع حقيقة من عدم القدرة على بيع النادي وجلب مستثمر جديد، فيما المفاجأة السارة تكمن في تألق أستون فيلا الذي يحتل المركز الثالث حالياً.
وفي إيطاليا، يظل الإنتر الأكثر استقراراً بين الكبار رغم تحسن نتائج يوفنتوس، فيما يشكل باير ليفركوزن بقيادة مدربه الإسباني المطلوب بشدة عند الكبار تشابي ألونسو، منافساً حقيقياً للبايرن على اللقب مع تألق نجم الأخير الهداف الإنكليزي هاري كاين، الذي حطم العديد من الأرقام القياسية.
لكن أبرز الأحداث في الآونة الأخيرة، ما حصل في عالم بعيد عن القارة الأوروبية، وتحديداً في البرازيل، حيث هبط نادي الأسطورة بيليه، سانتوس، من الدرجة العليا للدوري البرازيلي للمرة الأولى في تاريخه الممتد لأكثر من 111 عاماً، وهو ما قاد إلى اندلاع الشغب في المناطق المحيطة بملعب النادي وإضرام الحرائق في سيارات اللاعبين والإداريين، حيث لم تتحمل الجماهير خيبة فريقها، ليبقى فريقا فلامنغو وساو باولو الوحيدين اللذين لم يهبطا أبداً من الدرجة الأولى.
والآن فلنعد إلى نصرة أهلنا في فلسطين.