أيام لا تنسى

هيثم برجكلي .. الجناح الطائر نموذج حقيقي للاعب المهاري

ظلَّ اسمه محفوراً في ذاكرة الكرة السورية

عبد الكريم البليخ

من منا لا يعرف اللاعب الكبير، نجم نادي الشرطة والمنتخب الوطني هيثم برجكلي، الذي يُعد أحد أفضل لاعبي منتخب سوريا القدامى. يعتبر برجكلي أحد أبرز الأجنحة في تاريخ الكرة السورية، حيث تميز بمهاراته الفردية وسرعته الكبيرة التي منحته لقب “الجناح الطائر”. لم يقتصر تميزه على المستطيل الأخضر، بل كانت له سمعة رياضية وأخلاقية استثنائية أكسبته حب الجماهير واللاعبين على حد سواء.

هيثم برجكلي وُلد في عام 1954، وبدأ مسيرته الرياضية مع نادي الشرطة في دمشق، حيث أظهر إمكانيات مميزة جعلته سريعاً ما يصبح من أعمدة الفريق. لعب برجكلي في مركز الجناح الأيسر، وقدم أداءً مبهراً بفضل قدرته على المراوغة والتسديد والتقدم السريع على أطراف الملعب. ساهمت مهاراته في صناعة وتسجيل العديد من الأهداف التي قادت فريقه إلى تحقيق إنجازات كبيرة.

في مسيرته الكروية، حقق برجكلي إنجازات عديدة مع نادي الشرطة، حيث توج مع النادي بلقب الدوري السوري في موسم 1979-1980، بالإضافة إلى لقب كأس الجمهورية عامي 1979 و1980.

كانت هذه الفترة بمثابة العصر الذهبي لنادي الشرطة، وكان برجكلي أحد الأعمدة الأساسية لهذا النجاح. كما لعب برجكلي في نادي الجيش ونادي الوحدة، حيث أثبت نفسه كأحد أفضل اللاعبين في مركزه، واعتزل اللعب في منتصف الثمانينات مع نادي الوحدة الدمشقي.

نجم الكرة السورية الراحل هيثم برجكلي

لعب برجكلي إلى جانب عدد من اللاعبين المخضرمين في نادي الشرطة ومنهم: أحمد وتد، مأمون مهندس، أنور عبد القادر، بسام جرايحي، محمود طوغلي، عبد الفتاح حوا، جهاد شيط، مروان شريفة، عمر عليان، جورج نصري، وغيرهم.

بالإضافة إلى مسيرته المحلية، كان لبرجكلي تجربة مميزة في أوروبا، حيث أصبح أول لاعب سوري يحصل على عقد احترافي للعب في نادي “سراييفو” البوسني. كانت هذه الخطوة غير مسبوقة في ذلك الوقت، وقد مثّلت نقلة نوعية في مسيرته، كما فتحت الباب أمام اللاعبين السوريين للمشاركة في البطولات الأوروبية. قدم برجكلي مستويات رائعة خلال هذه التجربة، مما زاد من شهرته ورفع من مستوى تقدير الجماهير والنوادي الأوروبية له.

على صعيد المنتخبات، كان لهيثم برجكلي حضور مميز مع منتخب سوريا، حيث شارك في بطولة كأس القنيطرة في عام 1974، وكأس فلسطين في 1975، والدورة العربية في 1976. كما خاض برجكلي تصفيات مونديال 1978، حيث سجل هدفاً في شباك المنتخب السعودي، وكان لهذا الهدف دور مهم في تعزيز طموحات المنتخب السوري في تلك التصفيات.

أما عن ذكريات كأس العالم 1978 التي أقيمت في الأرجنتين، فقد كانت البطولة تتركز في الأذهان؛ نظراً لأداء المنتخب الأرجنتيني الرائع، الذي تُوج باللقب لأول مرة بعد فوزه على هولندا بنتيجة 3-1 في الأوقات الإضافية.

الجناح الطائر هيثم برجكلي

كما تميزت مشاركة المنتخبات العربية، وعلى رأسها المنتخب التونسي الذي سجل نتائج مشرفة في تلك البطولة بفوزه على منتخب المكسيك 3 ـ 1 وتعادله أمام ألمانيا الغربية سلبيا دون أهداف، وخسارته الوحيدة أمام بولندا بهدف، حيث كانت هذه المشاركات تبعث الأمل في نفوس الجماهير العربية.

للأسف، رحل اللاعب الكبير هيثم برجكلي عن عالمنا في الثامن من يوليو عام 2020 عن عمر يناهز 65 عاماً، إثر نوبة قلبية مفاجئة. ترك خلفه إرثاً رياضياً عظيماً وذكريات لا تُنسى في قلوب محبيه وعشاق الكرة السورية.

كان برجكلي، بلا شك، من اللاعبين الذين سيبقى اسمهم محفوراً في ذاكرة الكرة السورية، وستظل إنجازاته مثالاً يُحتذى به للأجيال القادمة.

إن حياة هيثم برجكلي الرياضية تمثل نموذجاً للالتزام والعطاء والإخلاص، فقد أحب الرياضة وأعطاها الكثير، وكان مثالاً يحتذى به في التفاني والتواضع، ولم يكن مجرد لاعب كرة قدم، بل كان سفيراً للكرة السورية، ورسالة لكل من يرى في الرياضة وسيلة للتعبير عن الهوية والتفوق.

ستبقى ذكرى هيثم برجكلي حيّة في قلوب السوريين، وسيظل إرثه الرياضي في الأذهان، حيث كان نموذجاً حقيقياً للاعب الذي جمع بين المهارة والأخلاق. هذا اللاعب الذي أعطى الرياضة كل ما يملك، وترك بصمة لا تُنسى في الملاعب والقلوب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى