7سنوات إدمان!

عندما فكرت في القيام بإجازتي بعد عناء أشهر طويلة من العمل، لم يكن يخطر ببالي أنني سأفكر وأنا في إجازتي في أخذ إجازة منها لأعود لأعمل في “الصقر”.. فقد سرى في عروقي أنماط سلوكية وعواطف ومشاعر كلها من صنع “الصقر”.. فما أن ابتعدت عنها حتى أعود إليها.. فهي صباحي ومسائي.. نهاري وليلي.. شتائي وصيفي.. برنامجي اليومي مرتبط بوجودي فيها.
لقد أدمنت “الصقر” حتى باتت تنافسني في أفكاري، وتجبرني أن أجعلها هي دائماً فكري، وأن أسخّر كل أفكاري لها!
وأنا للصقر مدين، ولن أوفي هذا الدين مهما قدّمت!!
مدين لها أنّني أتعلّم فيها كل يوم شيئاً جديداً!!
مدين لها أنني أتعلم فيها كيف تدور شبكة العلاقات الإنسانية بين الناس؟!
مدين لها أنّها ساعدتني على حبّ القراءة واقتحام المجهول!
لقد علّمتني الصبر، وقوّة التركيز وبرودة الأعصاب، وسخونة المشاعر. علّمتني كيف أكون وفياً؟ وكيف أكون مخلصاً. علمتني أن أتغاضى عن عيوب الآخرين وأسعى أولاً بأمل لاصلاح عيوبي.
في “الصقر” دائماً دمعتي في عيني، فأنا حائر بينها وبين أسرتي.. كلاهما يناديني!
في 13 كانون الأول “نوفمبر” 1978.. كان موعدي مع “الصقر” كابن جديد لها ولم أكن أتصور أنّ غيابي سيطول بي بإقامتي في الدوحة إلى 13 نوفمبر 1985 وحتى إشعار آخر.. لم يكن بقائي هنا من أجل “المادة” انما هدفي أن أعيش يومي سعيداً، لا أن أضحّي بأيامي الحالية، من أجل أيّامي القادمة و”لله في خلقه شؤون”.. كنز قناعتي منذ صغري.. لا يتعدّى حدود المعقول.. فقط الاستقرار النفسي والعاطفة والعافية.. والاستقرار في شقة متواضعة وانطلق خلالها في رحاب الدنيا!
إذن والله على ما أقول شهيد… لم تكن “المادة” أبداً هدفي في الصقر إنما سعيت دائماً أن أنطلق مع “الصقر”.. أن تصل كلمتي إلى الشباب العربي الرياضي في ظل جو “الصقر” الأخوي.. وأن أتعمق في خبايا ومشكلات الرياضة العربية.. وأن ألم ـ يوماً بعد يوم ـ بأسرار العملية الصحفية المعقدة. ففي “الصقر” اكتشفت أن شهادتي كحاصل على بكالوريوس إعلام قسم صحافة لا تكفي وبدون درجات علمية كنت أشعر مع كل مهمة صحفية في “الصقر” أنني أحصل على “دبلوم عالي”. إذن فأنا في “الصقر” في مهمة علمية من طراز فريد.
وفي “الصقر” أشعر يوماً بعد يوم بأن المشوار ما يزال طويلاً كي أصل إلى “الكفاءة” التي رسمتها في أعماقي.. فعلي أن أتعلم باستمرار من أسرة الصقر وقراء الصقر ومصادر وكتاب ومراسلي “الصقر”.. ومن عشرات النوافذ التي فتحتها الصقر أمامي ممثلة في الصحف والمجلات العربية والعالمية التي تدخل يومياً دار الصقر!!
في إجازتي الأخيرة.. كان كل شي هناك بمصر يناديني بالعودة والبقاء.. وفي نفس الوقت كانت صفحات “الصقر” تناديني للعودة!!
ولم يشكل هذا الإحساس مشكلة في داخلي فأية مشكلة دائماً في الصقر “محلولة” والإحساس بعدم الغربة أو الاغتراب لم ينتابني يوماً.. طالما أفئدة من حولي دائماً تلفني.
ولن أكون أبداً مبالغاً.. عندما أردد أنني أعيش في قطر سعيداً؛ لأنها وطني الثاني.. فكل ما فيها يدعو للحب.. ونحن في هذا الزمان أحوج ما نكون للحب من أي وقت مضى..
فالحب وحده، هو الذي يُحرّك أعمق وأجمل ما في الإنسان. ففي داخل الإنسان قوى هائلة لا تحركها إلا كلمة السر “الحب”.
حارب الله كل من وقف أمام الحب.. وبراءة النفوس فبالحب نعمل ونعيش.. فالخبز وحده لم يعد يكفي!!
فايز عبد الهادي
المحرر العام
العدد:249
12 كانون الأول “نوفمبر” 1985 م

https://paypal.me/Alsa8ar?country.x=DE&locale.x=de_DE
To-website