كلمة حق

حرد الزوجة غير المبرر

في أحيان كثيرة، نجد أنفسنا عاجزين عن البوح بما يعتمل في داخلنا من مشاعر ورغبات، ربما نتيجة القيود الاجتماعية أو خوفاً من ردود الفعل. وهذا ليس بالأمر الجديد، لكنه يبرز بشكل خاص في المواقف التي يتمُّ فيها تجاهل الحقيقة أو تشويهها، لتصبح مادة للنقاش والاهتمام.

عندما تحدث مشكلة بين طرفين، قد لا يدرك أحد الأطراف ـ الذي كان جزءاً من هذا الخلاف ـ أسباب هذه المشكلة ونتائجها، فضلاً عن مدى تأثيرها في محيطه الأسري والاجتماعي. مثل هذه المواقف، التي تبدو صغيرة وغير مهمة، قد تصبح مثار دهشة واستغراب من الأشخاص المحيطين، الذين يرون أن هذه المشكلات لا تستحق كل هذا التوتر والتشنج.

الزوجة، في كثير من الحالات، قد تتخذ موقف الحرد بشكل مفاجئ، محاوِلةً لفت الانتباه والحصول على التعاطف والدعم، حتى لو لم تكن قادرة على تحديد السبب الحقيقي وراء موقفها. قد تتحول الأمور إلى اتهامات غير مبررة وغير مفهومة، هدفها فقط خلق شعور بالزعل الذي لا أساس له.

على سبيل المثال، قد تنزعج الزوجة بشكل مبالغ فيه تجاه موقف بسيط، مثل تعليق أحد أفراد الأسرة على نظافة المنزل أو طريقة ترتيبه، وهو موقف قد لا يستحق الوقوف عنده أصلاً. لكن الزوجة قد ترى فيه انتقاداً شخصياً يثير مشاعرها، ويدفعها لاتخاذ موقف سلبي يصل إلى حد مقاطعة الزوج أو الأبناء، وربما ترك المنزل مؤقتاً.

مثل هذه السلوكيات، التي قد تبدو غير مبررة، أصبحت شائعة بين بعض الزوجات اللواتي يلجأن إلى الحرد كوسيلة للتعبير عن الغضب أو الإحباط. ففي أحيان كثيرة، قد تتبنى الزوجة هذا الموقف نتيجة سوء فهم بسيط، أو لرغبتها في إثبات وجودها وفرض شخصيتها.

لكن السؤال الأهم هنا: هل الزوجة تكون راضية حقاً عن هذه التصرفات؟ ولماذا تلجأ إلى اختلاق الأعذار وترك بيتها وأبنائها لأسباب قد لا تكون واقعية؟

الحرد، في مثل هذه الحالات، قد يكون وسيلة للتنفيس عن مشاعر مكبوتة، لكنه غالباً ما يؤدي إلى تفاقم المشكلات بدلاً من حلها. فبدلاً من إيجاد حل بناء، يتحول الحرد إلى أداة لتوسيع الفجوة بين الزوجة وأفراد أسرتها.

من الضروري أن تدرك الزوجة أن التفاهم والحوار هما الطريق الأفضل لحل الخلافات، بدلاً من المبالغة في ردود الفعل. كما أن الأسرة ـ الزوج والأبناء ـ بحاجة إلى تفهّم هذه التصرفات ومحاولة التعامل معها بحكمة، من خلال تعزيز الحوار الإيجابي وإظهار الدعم النفسي.

في النهاية، حرد الزوجة غير المبرر يعكس أحياناً حاجة داخلية للتعبير عن مشاعر غير مفهومة، لكنه في الوقت ذاته قد يؤدي إلى خلق أجواء من التوتر داخل الأسرة. من المهم أن يدرك الجميع ـ الزوجة وأفراد الأسرة ـ أن التفاهم والتواصل هما السبيل الأمثل لحل أي مشكلة، مهما كانت صغيرة أو كبيرة.

عبد الكريم البليخ

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى