في الشبكة

محلل رياضي مأسوف عليه!

عبد الكريم البليخ

تابعت قبل أيام عبر منصة “يوتيوب” أحد مدّعي التحليل الرياضي، في حوار مقتضب، لطالما ظهر متقمصاً دوراً أكبر من حجمه بكثير، وهو دور في الواقع لا يليق به البتة. والأسوأ من ذلك أنه بالكاد عَرف اسم لاعب نادي مانشستر سيتي، عمر مرموش، اللاعب المصري الذي انضم مؤخراً إلى صفوف الفريق مقابل ما يزيد عن 75 مليون يورو. من تابع مجريات الحوار لا بد أنه تفاجأ بأجوبة “المحلل الرياضي” و”الصحافي المخضرم”، التي جاءت رداً على تساؤلات المحاور، لكنها كانت تصبّ في وادٍ مختلف تماماً!

ماذا عسانا أن نفعل كمتابعين ومشاهدين أمام هذه المهازل التي باتت تظهر على الشاشة الفضية في وضح النهار؟ محتوى يُعاني من مشاكل جسيمة في المضمون والنطق، في وقت لم يتمكن وزراء الإعلام العرب من رصد مثل هذه التجاوزات وإيقافها حيث تجري في الخفاء. المطلوب منهم توجيه المسؤولين عن المحطات التلفزيونية، التي باتت أضحوكة للقاصي والداني، لمعالجة هذه المسائل الهزلية. لكن المفارقة أن المعنيين بهذه المحطات يزدادون تخبطاً في الوقت الذي يُفترض فيه أن يكون التلفزيون، بوجه خاص، عنصراً يعكس تفاصيل دقيقة من حياة الأسرة، باعتبارها جوهر المجتمع، ويجب أن يكون ما يُعرض عبره مراقباً بدقة، مهما كانت تفاهة المحتوى. إلا أن الأمور استمرت تُدار بعشوائية، ما يعني أن هناك تحدياً صارخاً ما زالت تعاني منه شاشتنا الفضية.

إننا نطلّ عبر الإعلام على ما يجري من حولنا، وهذا الدور الحاسم يجب أن يُحسم من قبل وزراء الإعلام العرب، الذين – وللأسف – ما زالوا يقفون مكتوفي الأيدي إزاء هذه الفوضى الإعلامية، حتى باتوا وكأنهم في “خبر كان”، لا يدركون تماماً ما الذي يحدث داخل إدارات المحطات التلفزيونية التي يُفترض أن تكون خاضعة لرقابة دقيقة، لا سيما أنها تمسّ شرائح المجتمع كافة على امتداد الوطن العربي الكبير.

صحيح أنَّ ما قاله الزميل الصحفي، أو بالأحرى “المحلل الفطحل”، كان في مقطع لا تتجاوز مدته بضع دقائق، إلا أننا لم نفهم شيئاَ مما نطق به! كلماته كانت مجرد حديث مُبهم، وردوده على أسئلة المذيع لم تكن سوى عبارات غير مترابطة. والأسوأ أنّه لجأ إلى قراءة إجابات مكتوبة مسبقاً، وكأنها أُعدّت له خصيصاً!

هذا الواقع لم يَعُد من المقبول السكوت عنه، بل بات من الضروري مواجهته بصدق وشفافية. فأين هو دور الإعلام الحقيقي إن كنا نخفي ما يجري أمام أعيننا؟ ومع هذا كله، يظل السؤال قائماً: أين تكمن المشكلة؟ هل في القناة التلفزيونية التي عرضت هذا المشهد المخجل؟ أم في المحاور؟ أم في “الخبير” و”المحلل الرياضي”، الذي ربما يكون من الأفضل له أن يبتعد عن مثل هذه المهزلة؟ لأن هذا المجال لا يليق به، بل إنه أساء لكل محلل رياضي حقيقي، وللفن الإعلامي الذي لا يصلح إلا للكبار.

11/2/2025

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى