دراسات كروية

هل ينافس عثمان ديمبلي على الكرة الذهبية

أرقام مذهلة تعيد النجم الفرنسي إلى بؤرة الضوء

يجعل عثمان ديمبلي، لاعب فريق باريس سان جرمان الفرنسي لكرة القدم، من تسجيل الأهداف مسألة تبدو سهلة بعد أن واجه صعوبة في هز الشباك لفترة طويلة. ويسجل ديمبلي أهدافاً كثيرة في موسم هو الأفضل في مسيرته، مما جعله يسكت المنتقدين الذين كانوا يشيرون إلى إهداره للفرص على مر السنوات. ورفع ديمبلي رصيد أهدافه هذا الموسم إلى 23 هدفاً بعد أن سجل هدفين في فوز فريقه على بريست 3 – 0 في ذهاب الملحق المؤهل لدور الـ16 بدوري أبطال أوروبا.

تمكن ديمبلي من تسجيل 6 أهداف فقط في الموسم السابق بأكمله، وأن المدرب لويس إنريكي تركه خارج التشكيلة في مباراة مهمة ضد أرسنال في وقت سابق. ولكن وراء هذا الصعود الحالي، والفاعلية غير المسبوقة لعثمان ديمبلي، يكمن تغيير في الموقف وثقة بالنفس لا حدود لها.

استبعاد مفاجئ

عاد ديمبلي إلى باريس في يوليو الماضي، بعد أداء بائس في كأس الأمم الأوروبية 2024 مع منتخب فرنسا، ولم يتمكن من تسجيل أي هدف في يورو ألمانيا، وتم إقصاء الديوك من نصف النهائي على يد إسبانيا. وفي باريس سان جرمان، أعيد تنظيم الهجوم بعد رحيل كيليان مبابي إلى ريال مدريد، ومن المؤكد أن ديمبلي قام ببعض الترويج لنفسه، حيث سجل 8 أهداف في أول 8 مباريات من الموسم الحالي.

ولكن ما أعقب ذلك كان بمثابة عودة إلى العصور القديمة، حيث أوقات كان فيها الأمر يتعلق أكثر بسلوك وموقف اللاعب البالغ من العمر 27 عاماً، أكثر من قدراته المتميزة كلاعب. أوقات نجح خلالها في تأمين انتقال بقيمة 135 مليون يورو من دورتموند إلى برشلونة، من بين أمور أخرى، والتي خيب فيها بعد ذلك التوقعات العالية في برشلونة.

وجاءت الانتكاسة في نهاية سبتمبر، عندما لم يستدعه المدرب لويس إنريكي لمباراة دوري أبطال أوروبا أمام أرسنال، وانتهت بخسارة الفريق الفرنسي بهدفين دون رد. ودخل لويس إنريكي في جدال حاد مع لاعبه ديمبلي، بعد الفوز 3 – 1 على ملعب رين، فريق عثمان السابق، حيث شهد اللقاء بعض المشاهد المرعبة للاعب المراوغ.

وبرر المدرب استبعاده بقوله إن ديمبلي “لم يف بالتزاماته”، وباعتباره مدرباً، حرص إنريكي دائماً على التركيز بشكل كبير على الانضباط. وأوضح إنريكي في إشارة إلى ديمبلي “إذا لم يلب أحد توقعات الفريق أو يحترمها، فهذا يعني أنه غير جاهز للعب.. لقد اتخذت أفضل قرار للفريق ولهذا السبب وقعت هنا لإنشاء فريق يتمتع بهوية قوية وشخصية كبيرة”.

وبالنظر إلى تاريخه، كان من المدهش أن يستجيب ديمبلي للإقصاء بشخصية عظيمة ويتغلب أيضاً على المزيد من النكسات، بما في ذلك البطاقة الحمراء المثيرة للجدل في هزيمة باريس سان جرمان 0 – 1 أمام بايرن ميونخ بدوري أبطال أوروبا. وكان الفوز 3 – 1 في الدوري الفرنسي على ليون في 15 ديسمبر الماضي بمثابة نقطة التحول النهائية، حيث سجل ديمبلي الهدف الافتتاحي، متوجا أداء رائعا وبداية مسيرته التهديفية، وظلت ثقته بنفسه ثابتة منذ ذلك الحين.

ساهم هذا الإنجاز في دخول ديمبلي كتب تاريخ باريس، حيث سجل ثلاثية في فوز الفريق 4 – 1 على شتوتغارت بدوري أبطال أوروبا، وأضاف على الفور ثلاثية أخرى ضد بريست في الدوري (5 – 2). ولم يسبق من قبل أن نجح لاعب من باريس في تسجيل ثلاثيتين في مباريات متتالية، وهذا على الرغم من حقيقة أن بطل الدوري الفرنسي كان لديه مهاجمون من الطراز العالم

في مثل مبابي وليونيل ميسي ونيمار وكافاني وإبراهيموفيتش. كما أن لويس إنريكي يتحدث الآن بنبرة مختلفة عما كان عليه في الخريف، حيث قال “عثمان قادر على أن يصبح اللاعب الذي يريده. إذا حافظ على ثقته أمام المرمى، فهو لاعب لا يقهر. فهو قادر على تسجيل الأهداف من أي موضع، بما في ذلك بالرأس. إنه لاعب رائع.”

صعود ديمبلي المفاجئ ليس صدفة، فبعد رحيل مبابي، عمل إنريكي على التشكيلة المثالية لهجومه، وكان جونسالو راموس، الذي كان من المفترض في البداية أن يلعب في مركز المهاجم، يعاني من تراجع مستواه ولياقته البدنية منذ عدة أشهر. ولم يتمكن راندال كولو مواني من تقديم نفس المستوى الذي قدمه في فرانكفورت، ولم يكن ضمن تشكيلة الفريق الفرنسي لفترة طويلة، ورحل في الميركاتو الشتوي الماضي على سبيل الإعارة إلى يوفنتوس.

وبناء على ذلك، أمر إنريكي جناحه الأيمن ديمبلي بالتحول إلى قلب الهجوم، وهذه خطوة رائعة كما اتضح. ويشعر اللاعب براحة أكبر في دوره، وقال ديمبلي باختصار عن دوره الجديد قبل أيام قليلة “أنا رقم 9، ويجب علي تسجيل الأهداف”.

ولا شك أن العديد من الصفات التي كان يتمتع بها، والتي جعلته جناحا مخيفا عندما كان في أفضل حالاته، تساعده الآن في دور رأس الحربة. ويتميز ديمبلي بالقدرة على إنهاء الهجمات بقدميه اليمنى واليسرى، ولديه القدرة أيضا على فرض نفسه في المساحات الضيقة، ويتميز بسرعة اتخاذ القرار بشكل استثنائي وقدرته على التعامل مع المواقف الفردية، بجانب التسديد بالرأس.

ومع ذلك، فإن الانتقال إلى مركز جديد، ليس السبب الوحيد الذي مكن ديمبلي أخيرا من الوصول إلى إمكانياته الكاملة. قال ديمبلي “الفريق في ديناميكية جيدة. الجميع في حالة تركيز شديدة ويلعب بشكل رائع، وهذا يساعدني على تسجيل الأهداف إذا كنت في المواقع الصحيحة. اللاعبون، سواء كان برادلي باركولا، ديزيير دووي أو خفيتشا كفاراتسخيليا، يقدمون لي خدمة رائعة.”

ورغم أن ديمبلي قلل من أهمية دوره، إلا أنه سجل في 10 مباريات متتالية مع باريس سان جرمان، وهو الآن بوضوح اللاعب الأبرز في الفريق بعد رحيل كيليان مبابي إلى ريال مدريد في الصيف.

وقال مبابي، زميل عثمان في المنتخب الفرنسي، لصحيفة ليكيب الأسبوع الماضي “لا أشعر بالدهشة. أنا أكبر معجبي ديمبلي.” ونوه “أعرف صفاته منذ أن كنا في سن 14 عاما، وأعتقد أيضا أنه حقق طفرة ذهنية جعلته أكثر استرخاء أمام المرمى. إنه لاعب من الطراز الأول.” وأضاف مبابي “أعتقد أنه يؤدي بشكل جيد للغاية، وهو المهاجم الرئيسي لباريس سان جرمان.. ومع مستواه الحالي، لا توجد حدود له، عليه أن يستمر على هذا النحو وسينهي العام بالعديد من الانتصارات.”

وقال اللاعب فيتور فيريرا، المعروف باسم فيتينيا، “سعداء لأنه يلعب بهذا المستوى. نتمنى أن يواصل اللعب بنفس الطريقة لأطول فترة ممكنة. إنه يقدم مساعدة كبيرة للفريق.” وحاليا سجل اللاعب الفرنسي الدولي ثلاثة أهداف (هاتريك) مرتين هذا الموسم، من بينها هاتريك أمام بريست. كما أنه سجل ستة أهداف في دوري الأبطال، أربعة منها بقدمه اليمنى واثنان بقدمه اليسرى. وقال لويس إنريكي مدرب باريس سان جرمان إنه لا يفرض أي حدود على مدى قدرة ديمبلي على التحسن كهداف. وقال “نحن الذين نعرف عثمان ونشاهده في التدريبات، نرى الآن أنه مفعم بالثقة. كان جيدا بالفعل في 2024، وفي 2025 أصبح أفضل. أشعر بالسعادة عندما يكون لديك العديد من اللاعبين المفعمين بالثقة.”

وكان هناك أيضاً الكثير من الثناء من قبل لاعب المنتخب الفرنسي السابق لودوفيك جيولي. وفي بداية الشهر الماضي، قال جيولي “نحن سعداء بوجوده في الدوري الفرنسي. إنه لاعب مراوغ رائع، ويجيد استخدام قدميه وسريع.” وتابع “وإذا كانت لديه قدرة أفضل على إنهاء الهجمات، فسيصبح أحد أعظم اللاعبين في الدوري الفرنسي ويمكنه القتال على جائزة الكرة الذهبية”.

لكن “الاختراق الذهني” الذي تحدث عنه مبابي، لم يتحقق مع عثمان ديمبلي خلال الأعوام الستة التي قضاها في برشلونة. وهناك بدا الأمر كما لو كان يسحب نفسه من خلال الألعاب، وربما بسبب رسوم الانتقال الضخمة والتوقعات المرتفعة لخليفة نيمار، فإنه نادرا ما يلعب بحرية. وبالإضافة إلى ذلك، كان هناك قدر كبير من سوء الحظ بسبب الإصابات، مما يعني أنه نادرا ما كان قادرا على اللعب لعدة أشهر في المرة الواحدة، مما كلفه أكثر من 100 مباراة في المجموع. ورغم الاختلافات، فمن الواضح أن إنريكي هو المدرب المناسب لديمبلي، واعترف بأنه سبق وأن تابع اللاعب خلال فترة وجوده في رين، وأراد في إحدى المرات أن يحضره إلى برشلونة.

وقال إنريكي “في ذلك الوقت لم يكن يرغب في المجيء، لأن المنافسة كانت قوية هناك. الآن أصبح لاعبا مختلفا. أعرفه بشكل أفضل وأعرفه شخصيا. إنه يريد دائما الاستحواذ على الكرة، ولا يخشى القيام بشيء أو المخاطرة بالتعرض للنقد.” وأشاد إنريكي مؤخرا بديمبلي بسبب سلوكه المنضبط، وقال عن سلسلة الأهداف “عليك أن تسأله عما أكله في عيد الميلاد، عندما كنت ألعب بلاي ستيشن، كان هناك لاعبا واحدا تختاره لتغيير اللعبة. هذا هو.” وساهم تألق الرباعي برادلي باركولا وديسير دوي ووارين زايري إميري وكانغ إن لي، في عملية انفجار عثمان ديمبلي، هذا بجانب انضمام خفيتشا كفاراتسخيليا، الذي يمتلك القدرة على الإبداع والتنوع.

مواجهة برشلونة

يأتي تألق عثمان ديمبلي وقوته الهجومية في الوقت المناسب تماماً بالنسبة لباريس سان جرمان، ففي الدوري الفرنسي أصبح التتويج باللقب أمراً لا مفر منه بسبب التفوق بفارق 10 نقاط عن أقرب ملاحقيه مارسيليا. لكن هناك المزيد من الألقاب التي يتعين الفوز بها والمباريات المهمة حقاً في الكأس ودوري أبطال أوروبا قادمة قريباً.

وبعد بداية متباينة، تسير الأمور بشكل جيد في دوري أبطال أوروبا، وبعد الفوز 3 – 0 خارج أرضه في بريست، في ذهاب ملحق ثمن النهائي، بما في ذلك بالطبع هدفان من ديمبلي، أصبح بلوغ دور الـ16 في متناول اليد.

وأما ليفربول أو برشلونة، سيكونان في انتظار باريس، وستكون المواجهة مع البارسا، جذابة للغاية بالنسبة لديمبلي، حيث يمكن لناديه السابق أن يحصل على نظرة عن قرب على ما هو قادر عليه مع الكثير من الثقة بالنفس، وعدم وجود إصابات وفي مركز جديد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى