فنون

يا طيور الطايرة .. ورسالة الحب والحنين

عبد الكريم البليخ

يا طيور الطايرة مرّي بهلي

يا شمسنا الدايرة ضوّي لهلي

سلميلي وغني بحجاياتنا

سلميلي ومرّي بولاياتنا

آه لو شوقي جزى تاه ويا نجمة

آه لو صيف العمر ما ينطي نسمة

 والهوى دواغي الحبايب

يبي يغفى ويا الغصايب

سلميلي يا طيور الطايرة

سلميلي يا شمسنا الدايرة

يا طيور الطايرة شوفي هلي

ويا شمسنا الدايرة بفرحة هلي

أغنية يا طيور الطايرة التي غناها الفنان سعدون جابر لأول مرّة في عام 1973 وأجاد غناءها الفنان حسام الرسام، فضلاً عن سيمور جلال، قحطان عطار، يوسف الصميدعي، ولؤي نانا وغيرهم من الفنانين العراقيين هواة ومحترفين.

الفنان سعدون جابر

أغنية يا طيور الطايرة تحمل في مضمونها ألوان من الحزن والألم، وفيها حوامل من الإبداع والشوق والحنين وبشغف للحبيب والأهل والديار، ومهما حاولنا توصيفها نظل مقصرين، وفي إعطاء الدور الحقيقي الكامل للفنانين الكبار الذي سبق أن أدّوها وبحرفية كبيرة، ولحنها الكبير كوكب حمزة، والتحية موصولة لمؤلف الأغنية الشاعر العراقي زهير الدجيلي الذي غادرنا مبكراً وسبق أن ألف كثيراً من الأغاني التي غناها الفنان سعدون جابر.

الشاعر زهير الدجيلي

والدجيلي ذلك الشاعر الذي يحلق بنا بعيداً فيما تتضمن الأغنية من بوح رائع وجميل، ودفع بنا ـ نحن عشاق ـ الأغنية العراقية ونجومها المبدعين مثال: ياس خضر، طيّب الله ثراه، فاضل عواد، حسين نعمة، حميد منصور، صلاح عبد الغفور والقائمة الفنية المتميزة تطول إلى الوقوف باحترام أمام هذه القامات العملاقة، ولما جسدوه من دور فاعل في إطار الأغنية العراقية التي ترقى إلى نحو آفاق أكبر من ذاتنا.

الملحن كوكب حمزة

وبقدر ما يتصف به صوت الفنان سعدون جابر من رقّة وعذوبة وعاطفة تبث فينا مشاعر الحنين، نجد في المقابل الصوت الآخر للفنان حسام الرسام الذي هو الآخر أضفى إلى الأغنية، بأدائه الجميل والمتميز بحلاوة صوته وبحته، حسّ إبداعي فيه الكثير من التميّز ما يكفي.

يا طيور الطايرة، وعلى الرغم من أنها تجاوز عمرها الـ الخمسين عاماً، و أوّل من أداها سعدون جابر فإنها ظلت، وفي أي لحظة، وفي أي يوم تُغنى وتؤدى فيه، فهذا ما يعني أنها كثيراً ما ترسم الحلم والأمل والحزن في مقاطعها التي زيّنها بروح عالية الشاعر الدجيلي. وهي أكثر ما تحمل رسالة إلى ذلك المسافر الذي ودّع أهله وأحباءه وذكرياته الجميلة في بلده، وغاب عنهم وما لها من أثر بالغ في حياة ذلك الإنسان التي تجعله في شوق حقيقي، وحزن دائم في العودة إلى استرجاع الذاكرة إلى من يحبّهم ويعشقهم، وإلى من تركهم، وطالما تحثّه الأغنية على العودة إليهم والرغبة في اللقاء بهم مهما كلفه ذلك، وما على المغترب والغائب عن أهله والبعيد عنهم، ذلك الذي يترك أعزّ الناس بالنسبة له ويتجه إليهم، برغم أشغاله وارتباطاته الإسراع إلى الرحيل حيث يكون الأهل والأحبة.

سعدون جابر

 إنها فاصلة وداع لكل حبيب، وعاشق ووداع للأهل والرفاق.

يا طيور الطايرة، فيها من الهيجان الداخلي ما يعني أن من يستمع إليها يأخذ به الحنين والشوق إلى من سبق أن عاش معهم، وتركوا بصمة في وجدانه، في قلبه وفي ضميره.

الأغنية هي رسالة لذلك المهاجر، وإلى شمسنا الدايرة وإلى تلك الديار البعيدة التي عاش فيها الأحبّة، وتركوا هناك ولا أمل يرتجى في العودة واللقاء بهم بسبب ظروف قاهرة حالت في العودة إلى عشه وبيته الأول. إنه يدفع بتلك الطيور المهاجرة إلى الذهاب إلى الأهل على أمل رؤيتهم والسلام عليهم. ذلك الطائر الذي لا يمكن أن تقف أمامه أي حواجز مصطنعة، وإن وجدت فإنه سيتجاوزها ويصل إلى مبتغاه. إلى من يحب ويعشق إلى ذلك المسافر المهاجر.

أغنية يا طيور الطايرة جمعت بين الجمال الفني وسلاسة التعبير، وسجلت أول مرة في التلفزيون العراقي عام 1973 وفيها كثير من الحنين إلى الوطن والأهل، وأكثر ما يميز خامة حنجرة الفنان سعدون جابر المعروفة بالصوت الناعم، وهي في الواقع تلامس مشاعر الناس، كل الناس، والسجناء والغرباء في المهجر، وفي كل مكان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى