مع النجوم

الكرة الكو يتية

 نجم ضائع أم موهبة مفقودة؟ 

الكويت – سمير عبد الكريم  بوسعد

ما زالت الكرة الكويتية حائرة بين موهبة جديدة أم نجم ضائع؟، وها هي تابعت كأس آسيا الأخيرة في قطر وعيناها تبكيان لعدم مشاركتها في هذا العرس الآسيوي البهيج.

وما زال المتخصصون في الكرة الكويتية يبحثون عن نجم مثل جاسم يعقوب الملقب بـ “المرعب”، لكن الملاعب الكويتية والأندية ما زالت تفتقد هذا النجم الذي لن يولد بعد.

وفي كل اللقاءات الإعلامية والرياضية والأحاديث التي تجري في الديوانيات الكويتية، وهي منجم خلق كل أسرار الحياة في الكويت، ومنها الرياضة وتحديداً كرة القدم.

وقعت الكرة الكويتية في فخ التسلل منذ عقدين من الزمن وكانت عُرضة للطرد تارة من الفيفا وحبيسة قرارات محلية تارةً أخرى.

ومن هذا الباب الواسع فقدت الملاعب الكويتية الرياضية، والأندية عنصر الموهبة الكروية التي يعوّل عليها لتفريخ لاعبين أذكياء وموهوبين ليصبحوا لاحقاً نجوماً كرويين يعيدون مجد الكرة الكويتية الضائع خليجياً وآسيوياً وعالمياً كما كان النجم “المرعب”، وهو لقب جاسم يعقوب الذي نقدمه مثالاً حياً لندرة المواهب الكروية حالياً على الساحة الرياضية العربية على الرغم من وجود عدد من اللاعبين الجيدين.

ولا كلام في الشارع الرياضي الكويتي إلا جاسم يعقوب، وهو مع نجوم الجيل الذهبي الذي يُعتبر أيقونة كروية لا يمكن تكرارها.

جاسم يعقوب من بين الذين صنعوا أفراح الكويت وأمجادها، ومن ألمع النجوم في سماء كرة القدم الكويتية والخليجية والعربية، فهو أفضل هدّاف أنجبته الكرة على مدار تاريخ الكويت التي سبق أن عاشت فترة ذهبية خلال السبعينيات وبداية الثمانينات من القرن العشرين، وذاع صيتها بشكل واسع في عالم كرة القدم الدولية بفضل نخبة من شبابها المتميزين في هذه اللعبة، والذين أبدعوا وأثبتوا جدارتهم وحبهم لبلدهم بتمثيله أحسن تمثيل في المحافل الدولية الكبرى من خلال تحقيقهم لنتائج لم تتكرر إلى يومنا هذا، وعلى رأسها تأهلهم التاريخي لكأس العالم وتتويجهم عربياً وخليجياً في عدّة مناسبات.

يظل جاسم يعقوب “أبو حمود” أفضل هدّاف أنجبته الملاعب الكويتية، حيث يملك في رصيده أكثر من 350 هدفاً سجلهم خلال مسيرته الرياضية والتي دامت أكثر من عشر سنوات قضاها كلاعب في نادي القادسية برفقة زميل دربه فيصل الدخيل، حيث شكلا ثنائي هجوم مرعب!.

وما زاد في شهرة اللاعب هو ذلك الهدف الذي سجله في مرمى نادي سانتوس البرازيلي، عندما واجه النجم الأسطوري العالمي بيليه، حيث تمكّن من إحراز هدف التعادل للكويت وانتهت المباراة بالتعادل.

من هو؟

جاسم يعقوب سلطان البصارة، ولد بتاريخ 13 أكتوبر 1953 بالكويت، ونشأ في كنف عائلة رياضية فأخيه الأكبر هو اللاعب الدولي السابق لمنتخب الكويت سلطان يعقوب، وقضى جاسم يعقوب السنوات الأولى من طفولته ما بين ممارسة كرة القدم في الشارع مع أصدقائه وتشجيع أخيه لاعب نادي القادسية، وكانت بدايته الأولى عام 1962 في صفوف فريق “العروبة” إلى غاية عام 1965 أين انتقل لمركز شباب الفيحاء مع المدرب النمساوي “مندي” الذي علمه المبادئ الأولى في كرة القدم، وبعد عامين وقع جاسم عقداً مع نادي كاظمة..

بداية اللاعب في نادي القادسية كانت بفرع الكرة الطائرة وهذا ما أكسبه القدرة على الإرتقاء وإتقان تسديد الكرات بالرأس، ثم التحق بفرع كرة القدم في صفوف فريق الناشئين ليتدرج بعدها في النادي مظهراً موهبة كبيرة وفنيات عالية يوماً بعد يوم..

واستدعي جاسم يعقوب للمنتخب الوطني عام 1972، ولعب في صفوفه مدة عشر سنوات شارك خلالها في صنع الكثير من الانتصارات والألقاب واستطاع أن يكسب حب الملايين من الكويتيين من خلال ما قدمه لهم من فنيات ومهارات عالية وتسجيله لأهداف جميلة تضاهي تلك التي يوقعها كبار نجوم العالم في اللعبة.

بعد فشل جاسم يعقوب وزملائه عام 1978 في تحقيق التأهل إلى كأس العالم أهم منافسة في كرة القدم، تحقق الحلم الكبير بعد سنتين حين تمكن المنتخب الأزرق من قطع تأشيرة العبور لنهائيات كأس العالم بإسبانيا، وبعد التعادل الإيجابي الذي حققته الكويت في مباراتها الأولى أمام تشيكوسلوفاكيا بفضل هدف فيصل الدخيل، تعرّض جاسم للإصابة في مباراتهم الثانية ضد المنتخب الفرنسي ولم يستطع المشاركة في المباراة الأخيرة أمام المنتخب الإنجليزي وخرجت الكويت من كأس العالم من الدور الأول.

وفاز جاسم يعقوب مع منتخب بلاده بكأس الخليج ثلاث مرات عام 1972 و1974 و1976 وتوج في آخر دورتين بلقب هداف كأس الخليج برصيد بلغ ستة أهداف عام 1972 وتسعة أهداف عام 1976، بمجموع 18 هدفا في الدورات الثلاث.

اعتلى جاسم يعقوب منصة التتويج في المنافسة الآسيوية مع منتخب الكويت مرتين، الأولى باحتلالهم المركز الثاني عام 1976 في إيران صاحب اللقب، والثانية عام 1980 أين توجوا باللقب أمام جمهورهم بالكويت.

يوم النكسة

أكبر نكسة في حياة النجم جاسم يعقوب كانت تعرّضه للإصابة بالشلل النصفي في العام 1983 والتي نقل على إثرها إلى مستشفى سانت لوكس بالولايات المتحدة الأمريكية تحت رعاية الشيخ سعد العبد الله الصباح، وبعد رحلة علاج ناجحة دامت قرابة العامين عاد جاسم إلى بلده عام 1985 وحظي باستقبال شعبي حار يعبّر عن المكانة الكبيرة لنجم الكويت الأول في قلوب أبناء وطنه، وعزّزه تأليف أغنية في حقه من قبل الفنان عبد الكريم عبد القادر بعنوان “متى تعود الجوهرة”.

منصب اداري

لم يبتعد جاسم يعقوب عن مجال الرياضة حيث تقلّد عدّة مناصب في الهيئة العامة للشباب والرياضة منها منصب نائب رئيس الهيئة العامة للشباب والرياضة، كما شارك في تحليل مباريات بطولة كأس ولي العهد القطري بقناة الجزيرة الرياضية عام 2008، ترأس لجنة المشتريات في الهيئة العامة للشباب والرياضة في العام 2009، وعيّن في نفس العام نائباً للمدير العام لشؤون الرياضة في الهيئة العامة للشباب والرياضة مكان عصام جعفر.

وبعد هذا التذكير بنجم الكرة الكويتية “الضائع” من نسخة له في الملاعب الكويتية الحالية، هل نرى استراتيجية وتعاون وملموس في قيادة الكرة الكويتية لإنعاش المنتخب والأندية وإعادتهم إلى مصافي الكبار كما كانوا في القرن الماضي؟ أم ستبقى المعادلة الخاسرة بين نجم ضائع وموهبة مفقودة؟.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى