Uncategorized

ليست مجرد مطبوعة!

عبد الكريم البليخ

مجلة الصقر الرياضية، وعلى مدى تاريخها الطويل، وانتشارها غير العادي، والقبول الذي لاقته وحققته لدى العاشقين لها من كتاب وصحفيين وقرّاء مواظبين على متابعتها تركت، بلا شك، أثراً كبيراً لا يمكن أن يغفل عنه كل من سبق له أن لمس غلافها الورقي، وقرأ ما كانت تتضمنه صفحاتها “التُحفة” من مواد صحفية إبداعية تركت مكانتها في وجدان وضمير الجميع دون استثناء.

الصقر، لم تكن مجرد مطبوعة ورقية، لا أبداً وإنما كانت جامعة عربية انطلقت من قطر المنبع إلى العالم العربي تحت شعار لفت الأنظار، وكان محط اهتمام المحررين والقراء، وشقت طريقها بكل حب، في عالم شكل نقلة غير عادية في تلك الفترة من بين عدد كبير من المطبوعات، وأثبتت وجودها على الرغم من العثرات التي كانت تحدّ من نجاحها، إلّا أن فريق العمل المجتهد برئاسة الأستاذ سعد محمد الرميحي رئيس التحرير المسؤول، استطاعت المجلة من تجاوز الصعاب، ونجح ربّانها في فك الحصار، وفي تجاوزها القارة العربية لتسكن وتصل إلى أبعد نقطة في العالم، فكانت مفتاحاً لا يصدأ، ولا يمكن أن يتكرر في العمل على فتح كل ما هو صعب، ويخشى الجميع الاقتراب منه إلّا أنّه، وبفضل رغبته وتعطشه للسير في الاتجاه الصحيح استطاع الرميحي أن يتجاوز المستحيل بحنكته وبعلاقاته وبتهذيبه بالعمل على اتساع آفاقه ونشاطه، وتعدد أوجه المحررين والراسلين، وفسح المجال واسعاً أمام كل من لديه الرغبة والإمكانية في البوح عبر صفحاتها التي لم تكن حكراً على أحد، وتقديم الأفضل وما يناسب ما هو مرسوم لها، فحمل الجميع أقلامهم وأوراقهم ومضوا في التقدم، ودكّ الصفوف وكل واحد بينهم برز إلى الميدان بطريقته وعفويته ليقدم ما هو جديد يرضي غروره وغرور القارئ المتعطش لـ “الصقر”، ولما تعوّد قراءته ومتابعته وبنظرته الحادة التي لا تخيّب الرجا، كعين الصقر إلى كل ما هو جديد ونافع لتكون الوجبة دسمة تتماشى مع اسم “الصقر” الكبير. الصقر التي أغلقت في المرة الأولى، وفي المرة الثانية، واحتجبت عن الصدور بصورة نهائية، وفي كل مرة كان يرفض القارئ أمثال هذا القرار الصارخ غير المحق المجحف بحق من أحب وأستمتع وأحس بنشوة، ومكانة الصقر وتغطياتها ومتابعتها للأحداث الرياضية، وتوجيهات رئيس التحرير في حينها، فكان مثالاً في التحدي، والجرأة والإقدام، فضلاً عن أنّه كان يكلف من يراه مناسباً من المراسلين، وإن اضطر إلى أن يدفع من جيبه الخاص، أو بطلب ذلك بشكل شخصي من الأصدقاء الميسورين مادياً، لتغطية تكلفة الرحلة من أجل إنجاز المهمة الموكلة له.

واستمر المشوار الصعب بشغف سنوات وسنوات، والرميحي العملاق يواكب المسيرة ونجاحها، ومكانتها وما تتضمنه صفحاتها من مواد صحفية لكتاب متفردين وبارزين ولهم اسمهم، وتغطيات لافتة للأنظار من خلال الانفرادات التي كانت تلقي الضوء عليها والهدف من كل ذلك تقديم وجبة دسمة للقارئ الذي ينتظر مع كل يوم ثلاثاء من كل اسبوع مجلته الفاخرة.. المجلة التي يعتز ويفاخر بها.

المجلة التي أمتعتنا بمحتواها، ودفعت بنا إلى أن نذرف الدموع بعد أن احتجبت عن الصدور بصورة نهائية، وحمل معه غلافها الموشّح بالسواد حزناً عميقاً ما زال، وإلى اليوم ماثلاً أمام أنظارنا يثير في قلوب عشاق الصقر مرارة الحدث ووقعه!.

 تلك الأيام وسوداويتها، وما تحمله على مضض كرمى “الصقر” التي دغدغت المشاعر وألهبتها، إلّا أنّه خفق بريقها الذي آثار الخيبة لدى عشاقها وأوّلهم العاملون فيها، وربانها الكبير! وعلى الرغم من ذلك لم ينس القارئ نجاحاتها ومكانتها، بل إنها ما زالت تتداول باسمها الرصين في الشارع والبيت العربي، وفي كل مكتبة وإلى اليوم.

تظل نزعة المحبة والشوق قائمة لا تنطفئ إلى تلك المحبوبة، وهذا ما دفع بنا، ومعنا قسم كبير من زملاء الزمن الجميل الذين تواصلنا معهم، وشكلنا معهم فريق عمل واحد لأجل عودة الصقر، التي نباركها إلى الظهور من جديد بصيغة pdf، أضف إلى الإقلاع بموقع الصقر الإلكتروني الذي أحدث هو الآخر يأخذ مكانته في إلقاء الضوء على كل ما هو جديد مواكباً الأحداث وماسحاً صبغة متفرّدة على كل ما هو جديد.

في هذا العدد من الإصدار حاولنا أن نجيب مع زملاء صحفيين ممن تركوا بصمة في ميدانها، وعاشقين لها الإجابة عن السؤال الذي يُلحّ وباستمرار، وبما تختزنه ذاكرتهم في الحديث عن مجلة “الصقر” الأساس، ودورها وأثرها في حياتهم المهنية، وما لها من حافز غير مسبوق فيما لو أتيح لها الاستمرارية.

في تأملاتنا الشخصية، التي نستمدها من مجلة الصقر، وتاريخها المعروف عنها، نحاول أن تكون مبرّزة وثابتة لجهة تعريف القارئ أولاً بما يمكن أن يترك أثرها من بعد في هيكليتها وروحها بعيداً عن أي رؤية رياضية. لفتة شخصية عن مسارات إبداعية سبق أن وقف عليها زملاؤنا، وما زالت معلقة ومحفورة في الذاكرة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى