
حفيظ دراجي

بعدَ أيامٍ قليلةٍ، تجدّدُ قطرُ العهدَ مع تنظيم الأحداث الكُروية الكُبرى من خلال احتضانِ بطولةِ كأسِ أممِ آسيا للمرَّةِ الثالثةِ في تاريخِها؛ بحثًا عن التَّتويج الثاني من نوعِه، وتعويضِ الظهور المتواضعِ للعنابي في كأس العالم الأخيرة، في ظروفٍ صعبةٍ تتميزُ باستبدال المدرّب البرتغالي كارلوس كيروش، بالإسباني ماركيز لوبيز، ومنافسة حامية مع مُنتخبات قوية كثيرة، تسعى للتّتويج على غرار: السعودية، إيران، اليابان، كوريا الجنوبية، وأستراليا، في حضور جماهير كُروية عريضة يُنتظر توافدُها على الدوحة؛ لتشجيع منتخباتِها، ومتابعة كلّ المباريات من مدرجات الملاعب المونديالية الستة القريبة من بعضها، والتي توفر أجواءً استثنائيةً، ومرافقَ توفّر ظروفَ استقبالٍ مريحةً.
قطرُ ستكونُ أوَّل بلدٍ آسيوي ينظم البطولة للمرة الثالثة في تاريخ ثاني أقدم بطولة قارية، وتريد أن تكون رابع بلد يفوزُ بالبطولة مرتَين متتاليتَين على غرار إيران التي فازت بها ثلاث مرات متتالية بين 1972 و1980، وكوريا الجنوبية في دورتَي 1956 و1960، والسعودية 1984 و1988، إضافةً إلى اليابان التي أحرزت لقبَي 2000 و2004، وهي المأمورية التي يعتبرها الكثيرُ من المحللين في قطر، صعبةً، بالنظر لمستوى المنتخب المتراجع منذ مونديال قطر، والذي لم يتمكن من إيجاد النفَس الجديد في ظل غياب خيارات فنية كثيرة؛ بسبب عدم بروز لاعبين قطريين جدد خلال الفترة الماضية، ما يجعل المأمورية صعبةً، وزادتها تعقيدًا التغييرات الثلاثة التي عرفتها المنطقة الفنية في ظرف سنة واحدة.
ترشيحات المُتابعين تصبُّ في اتجاه منافسة شرسة على اللقب بين المنتخبات التي شاركت في مونديال قطر، على غرار السعودية التي سبق لها الفوز بأحد ألقابها الثلاثة في دورة قطر التاسعة التي نظمتها سنة 1988، والتي ستكون مدعومةً بجماهيرها الوفية المنتظر تواجدها بقوة على ملاعب الدوحة؛ لتشجيع منتخبها، كما سيكون المنتخب الياباني صاحب التتويجات الأربعة باللقب أحد أكبر المرشحين للمنافسة على لقبٍ سبق له الفوزُ به في العاصمة القطرية سنة 2011، رغم المنافسة الكبيرة التي سيجدُها من المنتخب الإيراني الغائب عن منصّة التتويج منذ سنة 1976، ومنتخب كوريا الجنوبية الذي يعود آخر تتويج له باللقب إلى سنة 1960، رغم أنه كان منافسًا قويًا منذ تأسَّست البطولة قبل 67 سنة من اليوم.
عامل المفاجأة سيكون محدوداً جداً في دورة قطر، يقتصر على أستراليا المتوَّجة على أراضيها عام 2015، والعراق صاحب مُفاجأة 2007، بينما تبقى الإمارات لغزًا وحصانًا أسودَ، قد يثأرُ لنفسه من خَسارته قبل نهائي الدورة السابقة أمام قطر في العاصمة أبوظبي، مما يجعلُها بطولةً مفتوحةً على احتمالات كثيرة بين منتخبات قوية متقاربة المُستوى، تجد في العاصمة القطرية ظروفًا عالمية مهيأة لتقديم مستويات كبيرة، في ملاعب عالمية وظروف تنظيم استثنائية، تعوّد القطريون على توفيرها في كل الأحداث الرياضية القارية والدولية التي استضافتها الدوحة على مدى سنوات في كل أنواع الرياضات، خاصةً كأس العالم 2022 التي كانت استثنائيةً بكل المعايير.
دورةُ قطر السابعةَ عشرةَ في تاريخ المسابقة، ستحظى باهتمامٍ إعلامي وجماهيري كبير، كونها البطولة الأولى في القارّة الصفراء، التي نظّمتها أربعة بلدان عربية، هي: قطر، السعودية، الكويت ولبنان، وفازت بها أربعة منتخبات عربية من أصل التسعة التي توجت بها حتى الآن، وهي: السعودية، والكويت، والعراق، وقطر، فهل ستكون من نصيب بلد عربي خامس، ومنتخب عاشر، أم أنها لن تخرج عن القاعدة إلا من حيث التنظيم والمستوى الفني المنتظر أن يكون عاليًا بفضل التطور المذهل الذي شهدته الكرة الآسيوية منذ بداية الألفية.
إعلامي جزائري