(الكان) في كوت ديفوار أباح بكل الأسرار

السيد شلبي

ليس هناك ما يثير ويُمتِع في كرة القدم أكثر من أن تبتعد مبارياتها عن الرتابة والنمطية وتأتي أحداثها، وقد غلفتها المفاجأة، واتسمت نتائجها بغير ما كان في الحسبان أو متوقعاً من ذي قبل، وجاءت مباريات كأس الأمم الأفريقية (الكان) في نسختها الرابعة والثلاثون لتفي بكل ما هو جديد. فمنذ أول مباراة في بطولة الكان في نسختها الأولى، والتي أقيمت بالسودان عام 1957 لم تشهد أي نسخة من قبل هذا الكم من المفاجآت والنتائج الغير متوقعة .. في النسخ السابقة كنا نشاهد خروج إحدى المنتخبات والمرشّحة بقوّة لحصد اللقب، وكنا نعتبر ذلك من قبيل المفاجأة وخاصةً إذا كان الخروج من الأدوار الأولى، أو ما يُسمى بدوري المجموعات ذهبت فرق عديدة إلى كوت ديفوار، وليس لديها أدنى شك من حصد اللقب بسهولة ويسر. مصر صاحبة الرقم القياسي في حصد الألقاب خاصة أنها تضمّ لاعباً عالمياً بحجم محمد صلاح. الكاميرون القوّة البدنية الغير عادية والسرعة (كثان) فريق يحمل ألقاباً. المغرب الفريق الذي طوّر من أدائه حتى وصل إلى العالمية بتحقيق مركز غير مسبوق للكرة العربية رابع كأس العالم.
السنغال أفضل فرق القارة في السنوات الأخيرة لما تضمّه من كوكبة من النجوم العالمية بأكبر الدوريات الأوروبية. الجزائر الفريق العنيد. تونس الفريق الجماعي والمنظم داخل الملعب… وبالطبع، وأخيراً فريق کوت دي فوار البلد المنظم للعرس الإفريقي، والذي يمتاز عن باقي المنتخبات بعنصري الأرض والجمهور.
ومنذ اليوم الأول للافتتاح توالت المفاجآت في كل المجموعات (الست) غينيا الاستوائية تتعادل مع نيجيريا الرهيب، رغم عدم ترشحه لنيل اللقب، ولكن موزمبيق التي لم تحقق أي انتصار من قبل على المنتخب المصري، بل ولم تسجل هدفاً من قبل في الشباك المصرية تنجح في تسجيل هدفين وتحقيق التعادل. تعادل مثير من قبل الفريق المصري بشق الأنفس في الوقت القاتل وبضربة جزاء للرأس الأخضر حقيقة، أنه في تطور مستمر في السنوات الأخيرة، ولكن بهذا الشكل الغيرعادي يتربع على قمة مجموعته على فرق عتيدة مثل مصر وغانا من قبيل المفاجآت.
أما قمة المفاجآت، فكانت في الجولة الثالثة من مباريات المجموعة الأولى (اكتسحت) غينيا الاستوائية كوت ديفوار برباعية نظيفة على أرضها وبين جماهيرها لتصبح كوت ديفوار نظرياً خارج السباق، وهو الأمر الذي حدث مع الفريق المصري بتأهل الرأس الأخضر وغانا (نظرياً) بل الأطرف إثارة وجدنا الهدف الواحد (يؤهل) فريق ويطيح بآخر، بل وجدنا أن الفرصة الواحدة والدقيقة حتى وإن كانت في الوقت القاتل تحدث مفاجآت من قبل الإعجاز مثل تأهّل مصر وكوت ديفوار، ثم نشهد مفاجآت أخرى بتأهل فريق عربي غير مصنّف على حساب فريق عربي يرشح دائماً لنيل البطولة، وكان ذلك في المجموعة الخامسة، وأقصد بالطبع موريتانيا وتونس… ثم غابت فرق في الأدوار الإقصائية، ولعل أبرزها مصر والتي أطاحت بها الكونغو الديمقراطية بعد أداء (مخيّب) للآمال للفريق المصري عبر ضربات الترجيح من نقطة الجزاء وخروج الفريق (العالمي) المغرب على يد (الأولاد)، وكذلك خروج فريق الأسود (الكاميرون) على يد النسور؛ لأن نيجيريا حالياً ليست بالقوّة الرهيبة حقبة الثمانينيات كذلك خروج السنغال إحدى القوى الكبرى حالياً في القارة السمراء، وإن كان على حساب الأفيال الذي لا يتمتع بالقوى مثل باقي المرشحين اللهم عنصري الأرض والجمهور.
أما دور الثمانية فكان الأقل إثارة، وجاءت النتائج إلى حد كبير بعيدة نسبياً عن النتائج الغير متوقعة، اللهم إلّا إذا اعتبرنا خروج الرأس الأخضر صاحبة قمّة المجموعة الثانية على حساب الأولاد (مفاجأة).
وإحدى المفاجآت الكبرى كانت في وصول الكونغو الديمقراطية للدور قبل النهائي، رغم كونه إحدى الفرق التي لها باع طويلاً في القارة، وإن اختلفت المسميات بين كنشاسا وزائير والديمقراطية، ولكنها لظروف الاضطرابات الداخلية ابتعد مستواها عن الفرق الكبرى لفترات طويلة، ولكن عادت إلى مستواها الطبيعي عن طريق مدرب (فذ) وعالمي خاض تجربتي تدريب كتب لها النجاح في مصر وهو الفرنسي سبستيان دي سابر، وأسدل الستار على الكان بحصول كوت ديفوار على اللقب وهو أيضاً من قبيل المفاجآت، ولم تكن المفاجأة حصول الأفيال على البطولة، ولكن كان أن الفريق وحتى اللحظة الأخيرة، خارج الأدوار من المجموعات، ولكنها المعجزة الغير عادية والتي حدثت بالفعل.
وهكذا انتهت أفضل النسخ الأربعة والثلاثين من بطولات الكان… في كوت ديفوار بعد ما (أباحت) بكل الأسرار.