كرة اليد في الرّقة.. من الظل إلى الواجهة

عبد الكريم البليخ

لطالما كانت كرة اليد في الرّقة جزءاً لا يتجزأ من الهوية الرياضية للمدينة، فقد بدأت مسيرتها منذ عقود، وشهدت مراحل صعود وتألق بفضل جهود اللاعبين والمدربين والجمهور العاشق للعبة. وعند العودة إلى أواخر القرن الماضي، وتحديداً في عام 1976، كانت كرة اليد السورية في أوج تألقها، حيث فاز المنتخب الوطني السوري ببطولة كأس العرب، وكان من بين لاعبيه نخبة من أبرز النجوم الذين قدموا أداءً استثنائياً، مثل أسامة لطوف، طلال ناصر آغا، عماد خلوف، ممدوح شليان، أحمد عربشة، عارف فاتح، قيس قيراطة، عبدالله خرابة، هاني أبو الهدى، مأمون بيرقدار، جهاد لطوف، راتب حريري، وحسن عرواني.
وكان لناديي الشباب والفرات في الرّقة دور بارز في دعم المنتخب الوطني بلاعبين متميزين، ما جعل كرة اليد في المحافظة ذات حضور قوي على الساحة السورية. وقد كانت لقاءات الديربي بين الفريقين حماسية ومثيرة، ينتظرها الجمهور بشغف كبير، خصوصاً عندما أصبح نادي الفرات بطلًا لكأس الجمهورية ثلاث مرات في أعوام 1983، 1985، و1987. ولم تقتصر شعبية اللعبة على المباريات المحلية، بل امتدت إلى الجماهير التي كانت ترافق الفرق في مبارياتها خارج المحافظة، حيث كان عشق كرة اليد متجذراً في قلوب المشجعين.

فريق نادي الشباب بطل الدوري والكأس عام 2009
شهدت كرة اليد في الرّقة بروز العديد من الأسماء اللامعة التي ساهمت في بناء مجد اللعبة في المحافظة. ومن أبرز نجوم نادي الشباب: محمود عبد الكريم، عبدالله الجاسم، ياسين الحمزة، خالد شويخ، عدنان رجب، بسام رجب، فهر الرحبي، علاء الدرويش، عبود السعيد، إسماعيل الشيخ، ياسين العبد العمر، ياسر الحاج، راشد الراشد، عبدالفتاح الزين، وليد الحافظ، عبد الرحمن النجم، صلاح منّاع، ومفرّح. أما نادي الفرات فقد ضمّ أسماء لامعة مثل: عبود شعيب، صلاح فرواتي، جمال حداد، تمام السيد أحمد، أحمد عبد الرزاق “دعّاس”، بشار العلي، تحسين مصارع، فهد الأيوب، وليد سويحة، قحطان الحاج عبو، وعدنان شاهين.

منتخب شباب الرقة بكرة اليد في عصره الذهبي، ويتكون من عدد من النجوم. جلوساً من اليمين: علاء الدرويش، خالد عبد الرحمن، عبد القادر السعدو، عبود السعيد، وليد سويحة.
وقوفاً: من اليمين تحسين مصارع، حسين الحاج، قحطان الحاج عبو، عبد الكريم جنيد، الحارس عدنان عبد الغني، المرحوم بسام رجب، فهد الأيوب.. والمنتخب كان بقيادة المدرب المتميز هاني أبو الهدى..
ولا يمكن نسيان الجيل الذهبي لكرة اليد في الستينيات، حيث برزت أسماء مثل أحمد شعيب، خلف الرملة، الحارس عبد السلام المفتي، محمد المصطفى، مطر العلي، خلف الحسن، دحّام النجم، حمد الصالح الهندي، عبد الصالح الجاسم، وأسرة أبو الهدى التي مثّلها مهدي، هاني، وأيوب. هؤلاء النجوم كانوا الأساس في ترسيخ كرة اليد كرياضة لها وزنها في المحافظة، حيث حظيت المباريات حينها بحضور جماهيري واسع، وكان هناك تنافس كبير بين الفرق في سبيل تحقيق الألقاب.

نادي الفرات بطل كأس الجمهورية بكرة اليد في أعوام 1983،1985،1987.
ويظهر في الصورة وقوفاً من اليمين: عدنان نظام، جمال حدّاد، المرحوم صلاح فرواتي، ، عبد الكريم جنيد، قحطان الحاج عبو، فؤاد أبو الهدى، وليد سويحة، المغفور له المدرب والحكم الدولي عبد الواحد دعدوع.
جلوساً من اليمين: أحمد عبد الرزاق “دعّاس”، طلال شاهين، المرحوم بشار العلي، تمّام الحاج عبو، تحسين مصارع.
رغم الإمكانيات المحدودة، لعب الجمهور دوراً كبيراً في دعم كرة اليد في الرّقة، فلم يكن حضور المباريات مقتصراً على الملاعب المحلية فحسب، بل كان هناك من يسافر لمرافقة الفرق وتشجيعها في مختلف المحافظات السورية. وقد استطاع نادي الفرات أن يحقق بطولة كأس الجمهورية ثلاث مرات، حيث جاءت البطولة الأولى عام 1983 بقيادة المدرب والحكم الدولي الراحل عبد الواحد دعدوع، تلتها البطولة الثانية عام 1985، ثم الثالثة عام 1987. هذا الإنجاز لم يكن مجرد لقب يضاف إلى سجل النادي، بل كان مصدر فخر لأبناء الرقة الذين كانوا يرون في فريقهم نموذجاً للنجاح والتحدي.

من نجوم الفرات، من اليمين: فهد الأيوب، صلاح فرواتي، قحطان الحاج عبو، وعبد الكريم جنيد.
أما نادي الشباب، الذي تأسس عام 1962، فقد نجح في تحقيق بطولة الدوري السوري لكرة اليد لأول مرة في تاريخه عام 2007، كما تأهل إلى نهائي كأس الجمهورية في نفس العام، لكن المباراة لم تُستكمل بسبب أحداث الشغب التي رافقتها. ورغم ذلك، تمكن الفريق من تحقيق إنجازات أخرى، حيث حل وصيفاً في بطولة الدوري لعامي 2005 و2006، وجاء ترتيبه ثانياً في بطولة كأس الجمهورية لثلاث سنوات متتالية (2005-2007). كما أحرز بطولتي الدوري والكأس معاً عام 2009، وأعاد تحقيق لقب كأس الجمهورية عام 2010 بقيادة المدرب أيمن سفّان، وهو إنجاز يحسب للفريق وإدارته وجماهيره.

نجم نادي الفرات والمنتخب الوطني عبود شعيب
مع مرور السنوات، ظهرت أسماء جديدة وواعدة في كرة اليد بالرقة، منها هشام شويخ، أصغر لاعب عربي محترف، والذي لعب لأندية قطرية ولبنانية. كما احترف وحيد طه “الجناح الطائر” في إيطاليا، ووافي قدور في لبنان، وعبد الرزاق العاني في النرويج. إلى جانب لاعبين آخرين مثل مروان الرملة، يوسف الحيّون، موسى الموسى، عبيدة العبد، خالد الموسى، فراس أحمد، ومنار المفضي.

اللاعب والمدرب عبد الله الجاسم
هؤلاء اللاعبون مثلوا الجيل الجديد الذي حمل على عاتقه مسؤولية استمرار مسيرة كرة اليد في المحافظة، حيث نجح بعضهم في خوض تجارب احترافية خارج سوريا، ما ساهم في تطوير مهاراتهم ونقل خبراتهم إلى الأجيال القادمة.
إن الإنجازات التي تحققت في كرة اليد بالرّقة لم تكن لتحدث لولا الجهود الكبيرة التي بذلها المدربون الذين تركوا بصمة واضحة في اللعبة. ومن بين هؤلاء المدربين: عبدالله الجاسم، ياسين الحمزة، خالد شويخ، ياسين العبد العمر، أيمن سفّان، مهدي وأيوب أبو الهدى، عبد الواحد دعدوع، بسام سويد، وباسل حمادة. كما لا يمكن إغفال الدور البارز للمدرب والحكم الدولي محمد حسني عبود، رئيس الاتحاد الرياضي في الرّقة، والذي كان له تأثير كبير في تطوير الرياضة بالمحافظة.

اللاعب والمدرب هاني أبو الهدى
بعد عقود من الإنجازات، يبقى السؤال: هل تستطيع كرة اليد في الرّقة استعادة مجدها والعودة بقوة إلى الساحة الرياضية؟ إن حب الجماهير لهذه اللعبة، والتاريخ العريق الممتد لأكثر من خمسين عاماً، يمنحها الفرصة لتحقيق المزيد من النجاحات، طالما أن هناك إرادة وطموحًا ورغبة في إعادة البريق إلى ملاعبها. إن الرقة لا تزال قادرة على العودة بقوة، حيث لا يزال لديها لاعبون موهوبون وإرادة صلبة لتحقيق النجاحات، وإذا ما تضافرت الجهود واستمرت العزيمة، فإن كرة اليد في الرقة ستعود كما كانت، بل وأفضل ما كانت عليه في سابق عهدها.