قص لصق .. وأشياء أخرى!

ما يُثير حَماسك، ويزيدُ من ضغط الدم والسكّري هو ظهور أشخاص مدّعين لمهنة تَمدُ لكَ بساط الاحترام، ويعتدي هؤلاء على مقدساتها، وما على الآخرين، المعنيون بها ويهمهم حالتها، أن يشجّعوا هذا الشواذ العام، بل ويكرّسونه ويفاخرون به، والسبب هو أنّ هذا الشخص الذي ادّعى المهنية، صار شاملاً لكل شيء، وبإمكانه فك الحصار والقوقعة التي وقعت فيها هذه الصحيفة أو هاتيك المجلة، ولجوئهم إلى هذا المدّعي هو بمثابة إنقاذ لهم، وإغلاق باب الحاجة، لأنه ــ ومن خلاله ــ يمكن أن يُحقق ريعية لا بأس بها للصحيفة أو المجلة، والمساهمة في زيادة أعداد المشتركين، بعد أن قضى الله أمراً كان مفعولا!!
هذه الأخطاء مجتمعة لن تُحيجك إلا مزيداً من الرسوخ والتحدي والمكابرة، وجرّك إلى الاعتقاد الخاطئ على أنك إنسان يمكنك أن تُخدع وتلبس لباس المغفّلين، وتتعدى على حقوقهم، وتزيد من تورّطك بأفكار مستباحة، كما ويمكنك أن تندب حظك العاثر في نهاية الجولة، لما لا، وأنت غارق في نومٍ لن تسمح لنفسك ولا لمن حولك من أن يتجاوز حدود العلاقة معك.
وأمثال هؤلاء الأشخاص يظنون أنَّ سلّم الصعود بطلقة فكرة واحدة، ولكن في الوقت نفسه يمكنهم أن يقبعوا في أماكنهم لفترات يمكنها أن تطول أو تقصر دون أن يستطيعوا تحقيق أحلام وردية استغرقوا فيها، بل ازدادوا غيّاً في ذلك التتابع ما أوقعتهم في شرّ أعمالهم، وهم كثر، ولا زالوا يتغنّون بالأمجاد، والمكاسب الرنّانة التي جعلت من ذلك الصحفي المدعي إنساناً مثيراً للدهشة، ومثالياً في اكتساب الفرص واغتنامها!.
وهذه الأفعال صارت متلاحقة، ويمكنها أن تدفع بهؤلاء المدّعين، والعاشقين المسيئين للصحافة، وبنوع من التحدي، وإن ظلّوا قاصري الطرف، وعاجزين عن متابعة ما يطلب منهم إلّا ضمن قالب معين مرسوم.
وإن نشر وتناول المسألة بنفس السياق العام والحدث، ومن خلال التعدّي على حقوق الغير، والاكتفاء بتغيير بعض العناوين، في مضمون المادة الصحفية، بحيث تتناسب مع الحدث الحالي، وهذا جوابهم المثير للاهتمام، ناهيك بنسخ أو قص ما ينشر لزملاء متميزين في المهنية، وفي طرح مواد صحفية لاقت استحسان الناس واهتمامهم.
إنّ أمثال هذه الصور وعلى كثرتها اليوم، نجدها منشورة في مواقع التواصل الاجتماعي بصورة خاصة، ما أفسد الصورة الحقيقية للمادة المنشورة، كما أنه حال بين ما تضمنته المادة الأصلية من تلك التي تم تسويقها بطريقة مشوهة بعد أن جرى قصها وفبركتها، وتقديمها للقارئ على أنها من شغل ذلك الصحافي المخضرم الجديد الذي يحاول الظهور على الشاشة بطريقة أخرى، ضارباً عرض الحائط بكل الأعراف والقيم المتعارف عليها لجهة الوصول إلى قلوب القراء عبر هذه البوابة السريعة الانتشار التي صارت ميسرة وسهلة ومفتوحة أمام كل من يرغب في الصعود نحو القمّة التي يبحث عنها، والإدلاء بدلوه، غير مدرك أنّ الطريق ما يزال شائكاً، ويحتاجُ إلى مقومات وأسس من الصعب تجاوزها والقفز من فوقها بكل يسر، على الرغم من حرية النشر المتاحة. النشر المتلاحق الذي يقوم به، وبعيداً عن قناعاته.
علينا مراجعة أنفسنا أولاً قبل أن نقع فريسة سهلة بيد الآخرين من أجل الظهور بعيداً عن المقومات الرئيسة التي يجب اتباعها كي لا تضيع الحقوق والالتزامات، وكذلك التغنّي بمواد منشورة هي من صنع الآخرين، وهذا ما بتنا نلاحظه اليوم، وبكثرة!
رئيـــس التحــــــرير